Skip Nav

لهذا السبب ترتدي النساء الحجاب-مقالة شخصية

هذا ما أتمنّى من النّاس فهمه حول خياري بارتداء الحجاب

استيقظت صبيحة أحد الأيّام قبل مدّة وقرّرت البدء بارتداء الحجاب. أدركت أنّ القرار سيؤثّر بالطّبع على كافّة جوانب حياتي تقريباً – لكنّني لم أهتمّ لذلك. أخبرت عائلتي حينها أنّني كنت "أتدرب عليه فقط"، لكن في باطن عقلي، كنت أعرف أنّني لن أخلعه أبداً. في الوقت الذي اتّخذت به ذاك القرار كنتُ أصوّر فيديوهات عن الشّعر الطبيعيّ وأنشرها عبر قناتي الخاصّة على اليوتيوب، لذا جاء خياري ذاك بمثابة صدمة للعديد من الأشخاص الذين يشاهدونني. لكنّها خطوة لم أندم عليها نهائيّاً. فلطالما كان ارتداء الحجاب والالتزام بأسلوب الحياة الذي يتماشى معه هو ما أرغب القيام به دائماً، لكنّني لم أتخيل من قبل أنّ وقته سيحين بهذه السرعة.

يختلف الأمر كليّاً بالطّبع إن كانت الفتاة تعيش في الدول الغربيّة. فالنّاس يحدّقون بي طوال الوقت، كما لا توفّر المتاجر الملابس المحتشمة، ولا بدّ لي من التوضيح باستمرار نقطة أنّني لا أستحم والوشاح على رأسي. هذا الخيار يحتّم علي أن أكون ثابتة وقوية بمعتقداتي. ولا ينبغي أن أكون مضطّرة لفعل أشياء غير ضروريّة لأجعل النّاس يرتاحون لي ويصدّقون أنّني لست إرهابيّة. كلمة الإسلام تعني السلام حرفيّاً، لكنّ البرامج التلفزيونيّة، والأفلام، وحتى التغطية الإخباريّة نادراً ما تشير إلى ذلك، ولهذا السبب تسود تلك القوالب النمطيّة. كان ارتداء الحجاب في سنّ الـ21 خطوة كبيرة اتّخذتها بالكامل لنفسي شخصيّاً، لكنّني اضطررت إلى المناورة بها عن إدراك أمام العالم بأسره.

لقد اتّخذت هذا الخيار بعد الانتخابات الرئاسيةّ التي أثرّت عليّ بشدة. فرغم أنّه كان تغييراً كنت أفكّر في إجرائه بعد فترة من الزمن، إلا أنّ فوز دونالد ترامب كان هو الدفعة التي أحتاجها بالفعل. كان الأمر بالنّسبة لي خياراً واعياً منّي لمحاربة خطاب الكراهيّة الذي يلقيه ترامب ومشاعر معاداة المسلمين. كنت أسمع قصصاً عن شابّات يخلعن الحجاب كلّ يوم بسبب الخوف. فقد بتنا نسمع عن أخبار جرائم الكراهية، وأنّ النّساء المحجبات للأسف هن ضحايا شائعات بينهن. لكن ومع أنّني أفتخر بارتدائي للحجاب، إلا أنّني لاحظت كيف يُغيّر الطريقة التي ينظر فيها بعض النّاس إليّ ويعاملونني بها. فقبل أسبوعين مثلاً طُلب مني خلع حجابي من قبل أمن مطار لاغوارديا. كان من الصّعب أن أعرف فيما إذا كان السؤال قد طُرح بسبب الجهل أو إذا كانت تلك المرأة تستغلّ سلطتها بطريقة سيّئة لأنّها شعرت أخيراً أنّه يمكنها ذلك.

بالنّسبة لي، كان ارتداء الحجاب من أكثر التجارب التي مدّتني بالحريّة. فهو يذكّرني كلّ لحظة بأنّني مسلمة وأنّ أفعالي يجب أن تعكس ذلك. لقد تغيّرت طريقة حديثي وتفاعلي مع الآخرين. كما تعلّمت عن نفسي في الأشهر القليلة الماضية أكثر ممّا كنت أتعلمه طوال حياتي. قد يبدو جنونيّاً قول ذلك، لكنّه فعلاً يضع الأمور في نطاقها الصحيح ويساعدني على إدراك الأشياء التي تهمّني. صرت أحبّ نفسي أكثر كلّما أحببت الحجاب أكثر. إنه لشعور رائع أن تأتي إليّ النّساء ليأخذن النّصيحة منّي أو ليخبرنني كيف ألهمتهن بارتداء الحجاب. أو حتى النساء اللّواتي يرتدين الحجاب منذ سنوات ليقلن لي أنهنّ أصبحن متحمّسات تجاهه من جديد – إنّها أعظم مكافأة أنالها بالفعل.

لهذا السبب بات تمثيل أولئك السيّدات ضروريّ الآن أكثر من أيّ وقت مضى. يجب أن يكون هناك المزيد من النّساء المسلمات في نظر الجمهور. خذوا على سبيل المثال عارضة الأزياء حليمة عدن: لقد أثّر نجاحها على الشابّات المسلمات في جميع أنحاء العالم بينما أبرز للجمهور صورة دقيقة وإيجابيّة عن المرأة المسلمة. وبذلك أظهرت للعالم أنّ الحجاب ليس شكلاً من أشكال الظلم، دون أيّ حاجة للشرح. إذا حاول النّاس فهم حقيقة أنّ الحجاب ليس مجرد غطاء للشعر، وتعلّموا القيم والفلسفة الكامنة وراءه حقّاً، لن يكون هنالك مثل هذا الانقسام حوله. فأنا عندما أرتدي الحجاب أسلب الآخرين قدرتهم من النّظر لي كجسد أو شيء جنسيّ، أو التعييب على جسمي. إنّني من خلاله أرفض ضغوط المجتمع التي تقول أنّني بحاجة إلى جراحة تجميل أو بوتوكس. عندها سيقيّمونني على أفكاري، وشخصيّتي، وما أحمله في عقلي. لقد قالت حليمة لمجلة Allure في السابق: "لدي الكثير لأقدّمه أكثر من مظهري الجسديّ، والحجاب يحميني من عباراتٍ مثل 'أنت نحيفة جداً، أنت سمينة جداً، انظروا إلى وركها، انظروا إلى الفراغ بين ساقيها'. لذا ليس عليّ القلق من ذلك، فالمجتمع يلقي الكثير من الضّغوط على الفتيات ليظهرن بشكلٍ معيّن". حيث تصوّر حليمة ما تشعر به معظم المحجّبات: وهو أنّ حجابهن ببساطة امتداد لمعتقداتهنّ، وقوتهنّ، وأناقتهنّ كنساء مسلمات.

رغم أنّ تمثيل المحجّبات مهمّ جداً بالنّسبة لي، وأنا أفخر بارتداء الحجاب، إلا أنّني لا أريد أن يتمّ تعريفي على أنّني "مدوِّنة محجّبة" فقط. فكلمة "محجّبة" ليست الكلمة الأولى التي أستخدمها لوصف نفسي، لذا لا أريدها أن تُعرِّف عن ذاتي. لقد جلست مؤخّراً مع بعض المدوِّنات الآخريات اللّواتي يراودهنّ الشعور ذاته. فبينما ترى بعض السيّدات أنّه من المهمّ إدراج كلمة "محجّبة" في عنوان قنواتهن على اليوتيوب، أو مدوِّناتهن، أو حساباتهنّ على الإنستغرام. لكن هنالك أُخريات مثلي يشعرن أنّ ذلك غير ضروريّ جداً. فمع أنّني أحترم وأحتفي بالنّساء الأُخريات اللّواتي يخترن جعل هويّة الحجاب جزءاً أساسيّاً من مقاطع الفيديو الخاصّة بهنّ، يبدو لي الأمر وكأنّني أضع نفسي في فئة مختلفة تماماً عندما تظهر كلمة "محجّبة". فالحقيقة هي أنّنا نساء عاديّات نحبّ ما نفعله ونريد مشاركة شغفنا مع جمهورنا.

إنّها خطوة كبيرة حقّاً أن يتمّ الإشارة إلى المحجّبات ويتم الاحتفاء بهنّ في كافّة وسائل الإعلام، وأنا أشعر بالفخر والشرف بأن أكون شاهدة على هذا التقدّم. لكن تذكّروا من فضلكم أنّ الحجاب لا يُعرِّف شخصيّتنا. يسعدني جدّاً أن أسلّط الضوء على سبب ارتدائي الحجاب لأيّ شخص يسأل ذلك عن احترامٍ حقيقيّ. والسؤال الذي يُطرَح عليّ دائماً هو: "ما هو شعورك تجاه ارتداء الحجاب في الولايات المتحدة؟"، وأجيب دوماً بجملة على غرار: "كيف تشعرون تجاه تنظيف أسنانكم في الصباح؟" أنتم لا تفكّرون مرّتين في ذلك. إنّه جزء من روتيني الحياتيّ كما لو أنّه جزء منّي. لا أستطيع أن أتحدّث بالنّيابة عن الجميع، لكن سرعان ما أصبح الحجاب أمراً طبيعيّاً بالنّسبة لي، ولا يمكنني تخيّل مغادرة منزلي بدونه.

Image Source: Shahd Batal
Latest حب