النساء التونسيات يخرجن احتجاجاً على قوانين الميراث
عندما تتأمّلون قانون الميراث جيّداً ستُدركون السبب الذي دفع التونسيّات إلى النزول والاحتجاج ضدّه
للمرّة الأولى في العالم العربيّ، خرجت مئات النساء التونسيّات بمسيرةٍ احتجاجيّةٍ على حُكم الميراث الإسلاميّ، والذي يمنح الرجل ضعف ما تناله الأنثى من تركة الأبوين.
ويعدّ حُكم الميراث جزءاً لا يتجزّأ من الشريعة الإسلاميّة بالطبع، حيث يجري العمل به في جميع دول مجلس التعاون الخليجيّ والشرق الأوسط. يقوم القانون على ما يلي: عندما يتوفّى المسلم، تُقسَّم تركته وأصول أمواله بين ورثته، على أن تنال المرأة نصف حصّة الرجل (الذين تربطهم العلاقة ذاتها بالمتوفى). لذا فإن كانوا أشقاء مثلاً، سيحصل الأخ على قسمٍ أكبر من أخته عند وفاة الوالدين.
قد يرى كثيرون في العالم العربي بهذا الاحتجاج على أنّه تصرّفٌ صادمٌ يتحدّى الأحكام الإسلاميّة ولا يحترمها، لكنّها ليست سوى خطوة شكليّة في تونس حقيقةً. فباعتبارها البلد الأكثر انفتاحاً في المنطقة، استطاعت تونس تحقيق إنجازات هامّة في مجال حقوق المرأة. إذ يضمن دستورهم --الذي تم تعديله عام 2014-- المساواة بين الجنسين، وما زال سكّان الدولة يواصلون سعيهم نحو إلغاء كافّة القوانين التي تقوّض الحقوق الدستوريّة للمرأة، واحداً تلو الآخر.
ففي العام الماضي مثلاً، أجرت حكومة الدولة تحسينات جذريّة على القوانين المتعلّقة بالزواج عبر إلغاء تشريع تعدّد الزوجات، ورفع الحظر الذي يمنع النّساء المسلمات من الزواج بالرجال غير المسلمين، والسماح للمرأة بطلب الطلاق --وهي مناحٍ ما زالت تنتظر تغييرات كهذه في أمكان أُخرى من المنطقة.
أمّا هذه السنة، فقد وضع الرئيس التونسيّ الباجي قائد السبسي نصب عينيه قضيّة تعديل قانون الميراث، وقيل بأنّه شكّل لجنة (تترأسها سيّدة محاميّة) لمناقشة "الحريّات الفردية" و"المساواة في جميع المجالات"، وفقاً لما أفادت به صحيفة The National.
غير أنّ النساء التونسيّات لا يردن الانتظار أكثر لتمرير هذا القانون، لذا نزلن إلى شوارع الدولة لتسليط الضوء على الإصلاحات في مجال حقوق المرأة من ناحية، ولحثّ الحكومة على اتخاذ قرارٍ جديٍّ بهذا الشأن من ناحية أُخرى.
هذا ووفقاً للتقاليد، كانت أحكام الميراث تخصّ الرجال بجزءٍ أكبر من الميراث كونهم كانوا يذهبون إلى الحروب ويتركون أسرهم وراءهم دون أيّ موارد تُعيلهم. وبما أنّ الإسلام يتبنّى ثقافة ثيوقراطيّة، فالرجال هم من يرعَون عائلاتهم ماديّاً، كما يُفترض منهم أن يعتنوا بحاجات أفراد العائلة الآخرين من غير زوجاتهم وأطفالهم في حالة عدم تمكّن أولئك الأشخاص من رعاية أنفسهم. وبموجب الشريعة الإسلاميّة يُفترض من الرجال أيضاً أن يهِبوا النساء مهراً عند الزواج.
لكن وعلى الرغم من ذلك، فقد خرج ما يزيد عن 1000 امرأة تونسيّة يوم أمس السبت للتعبير عن موقفهنّ بشكلٍ واضحٍ وصريح. حيث نقلت صحيفة The Citizen عن مصدرٍ هناك أنّ النساء كنّ يمشين في المسيرة ويرددن قائلات أنّ قانون المساواة بالميراث "هو حق وليس معروف" (حق موش مزية) ليعبّرن من خلال صوتهن عن ملايين النساء العربيّات اللّواتي لا يرغبن بالحصول على أي رعاية ماديّة من قِبل الرجال.