Skip Nav

لما أتناول كلّ ما أريد من الطعام

لهذا السبب لا أتوانى عن تناول أيّ شيء أشتهيه إطلاقاً

لطالما كان الطّعام دائماً واحداً من أعظم الأشياء التي أحبّها في حياتي. أستطيع أن أتذكّر صورة قديمة تمّ التقاطها لي بواحدة من كاميرات كوداك أحاديّة الاستخدام عندما كنت صغيرة وما أزال أرتدي الحفاض، حيث بدا فيها الكعك اللّزج مدهوناً على خديّ السمينين، فيما تُطلّ من تحت فتات الكعك ابتسامتي المشاغبة. كان ذاك عيد ميلادي الأوّل، وقد اتّخذ والداي القرار الأسطوريّ بتعريفي على أعجوبة عالم الطّعام التي ندعوها أنا وأنتم بالشوكولاتة. وفي الواقع لقد أحببتها كثيراً، لدرجة أنّني غمّست وجهي بالكامل في قالب الحلوى في محاولة منّي لتذوّقه كلّه مرّة واحدة. لا يمكنكم التفوّق على منطق الأطفال الصّغار أبداً بالتأكيد.

منذ ذلك اليوم وأنا أعيش أيّامي المكتنزة بالمأكولات ملتزمةً بالشّعار الشخصيّ التّالي: "الحياة قصيرة، فلماذا نضيعها على طعام لا طعم له؟".

بالنّسبة لي، تنطبق صفة "لا طعم له" إلى حدٍّ كبيرٍ على أيّ شيء من صنف الخضراوات المورقة. فالخضراوات عموماً ليست من مجموعات الطّعام المفضّلة لديّ في الحقيقة، إلّا إذا كانت موضوعة باعتدال فوق شطيرة برغر شهيّة. عادةً ما أظلّ بعيدةً جدّاً عن السلطات، وخبز القمحة الكاملة، والمكسّرات المخلوطة، والعدس، والحمّص، والتوفو. لكنّني من أشدّ المعجبين بالأفوكادو، والبصل، وكرنب بروكسل المنقوع في الزبدة. هل يدلّ هذا على شيء برأيكم؟!

لا يعني ذلك أنّني آكل كميّات كبيرة من السكّريات الاصطناعيّة والصوديوم على مدار اليوم وطوال الأسبوع. حيث أدرك تمام الإدراك مفهوم الحدود المعقولة – وأنا أطبّق ذلك لدرجةً ما. فوسطيّاً، يشمل كلّ يوم من أيّامي تناولي لموزة وكوب شاي أخضر على الإفطار (يصادف أيضاً أنّني أمقت الموز، لكنّه يمدّني بالطّاقة ويشعرني بالشّبع في الصباح)، أو شطيرة ديك روميّ مشويّ أو غايرو الدّجاج المخبوز على الغداء، يتبعها باقة من كعكات ميلانو أو بضعة لقيمات من شوكولاتة هيرشي، وبيتزا بالجبن، أو شطيرة همبرغر منوّعة، أو حساء الوونتون على العشاء. لذا فعلى الرّغم من أنّ نظامي الغذائيّ ليس سيّئاً جدّاً، إلّا أّنني أتناول الأطعمة التي أستمتع بمذاقها كثيراً.

خلال فترة نشأتي الأولى، علّمتني والدتي كيفيّة الموازنة بين عيش حياة صحيّة إلى حدّ ما ورسم صورة إيجابيّة للجّسم. فعندما كانت طفلة، عانت أمّي قليلاً من ناحية نظرتها لجسدها بعد أن أخبرها صبيّ أنّها ستبدو جميلة لو لم تكن سمينة، لذا كان حرصها على أن أتناول الطّعام بالشّكل الصّحيح وأحقّق شعوري بالرضا عن نفسي في الوقت ذاته الأولويّة القصوى بالنّسبة لها. كما كانت تحزم لي أفضل وجبات الغداء –كان زملائي على الطّاولة يشعرون بالغيرة منّي دائماً! – والتي كانت تتألّف من الخبز المحضّر حديثاً، واللّحوم باهظة الثمن، وفاكهة جانبيّة، ولوح شوكولاتة، وذلك لأنّها لم تؤمن بتقييدنا عن الحلوى أنا وأخي. إذ سيجعلنا ذلك نشتهيها أكثر ليس إلّا! كما لم يكن لدينا عبوات صودا في الثلّاجة، لأنّ أمي كانت تؤمن بأهميّة ترطيب الجّسم بالماء تحديداً، وحتّى يومنا هذا، فإنّني عادة ما أتخطّى الكولا التي تأتي مع الوجبات المتنوّعة.

إلى جانب ذلك، كنت أنا وشقيقي طفلين نشيطين. حيث سجَّلنا والدانا بمزيج مثير للاهتمام من صفوف الألعاب الرياضيّة؛ بما في ذلك التّنس، والكرة اللّينة، والتزحلق على الجليد، والعدو الريفيّ، وكرة السلّة، والرّقص النقريّ، والباليه (ملاحظة جانبيّة: أنا راقصة مروّعة، لذا لا تطلبوا مني إعادة تأدية أيّة حركة على الإطلاق). وعندما أصبح عمري 13 عاماً، انضممت إلى نادي السّباحة المحليّ. التزمت فيه وأصبحت في نهاية المطاف من السبّاحات المنافسات الأوائل.

في ذروة مسيرتي المهنيّة بالسّباحة، كنت أمارس الرّياضة لمّدة خمس ساعات في اليوم. الأمر الذي يعني استهلاك كميّة كبيرة جدّاً من السعرات الحراريّة للحفاظ على قوّتي، وخلال تلك السنوات، كانت أمّي مشغولة بشكل كبير في المطبخ. في كثير من الأحيان، كنّا نطلب الطّعام الجّاهز، لأنّ إرضاء السبّاحين الجّائعين ليس بالأمر السّهل نهائيّاً. ربّما كانت تلك الفترة من حياتي هي التي طوّرت فيها عشقاً شديداً لمأكولات المطاعم. فبمسحة واحدة على بطاقة الإئتمان، سيظهر أمام الزّبون طبقاً ساخناً من الطّعام المحضّر باحترافيّة عالية. وخلال أيّام الكليّة، كثيراً ما كنت أقوم بمشاوير ليليّة متأخّرة سيراً على الأقدام –مستمدّةً طاقتي من فنجان قهوة– كي أقصد مجمّع البوريتو المحليّ.

دعوني أصل مباشرةً إلى يومنا هذا. لقد انتقلت إلى سان فرانسيسكو بعد تخرّجي العام الماضي. ويا إلهي، يعرف سكّان هذه المدينة تماماً كيف يطبخون. وبصفتي قادمة من بلدة صغيرة في منطقة الغرب الأوسط، فإنّه من المغري بالنّسبة لي تناول الطّعام خارجاً كلّ ليلة. لو سمحت ميزانيّتي بذلك، كنت سأعتمد عليه فعلاً، لأنّ الطّعام هنا لذيذ للغاية. إلّا أنّني في الواقع أطلب المأكولات الجّاهزة حوالي ثلاث ليالٍ في الأسبوع فقط، وأقوم غالباً بالطّلب من مطعم لم أزره من قبل.

تتلخّص العبرة بالتّالي: لا يتعلّق الأمر بحرمان أنفسكم من الطّعام الذي تشتهونه، بل يرتبط بدمج القليل من العادات الصحيّة في روتينكم أيضاً. تتمثّل تلك العادات بالنّسبة لي بتناول الموز صباحاً، وشرب المياه بشكل متكرّر، والعودة من العمل إلى المنزل مشياً على الأقدام. لذا ففي المرة القادمة التي تجبرون أنفسكم فيها على أكل الكرنب بسبب شعوركم بالذّنب، تذكّروا شعاري هذا. الحياة أثمن من أن تهدروها على أشياء لا تحبّونها. وإذا كنتم تحبّون الكرنب، فتناولوه كما تتمنّوه طبعاً.

Image Source: Shutterstock
لماذا قمتُ بتصفية منصاتي من وسائل التواصل الاجتماعي
هل ركوب الدراجات الثابتة ضار للجسم؟
لماذا ينبغي عليكم أن تتمرنوا من أجل الشعرو بالراحة النفسية
ماذا يحدث عندما تتوقفين عن طلاء أظافر القدمين
Latest Recipes, Menus, Food & Wine