كيف تشرح لأطفالك معنى رمضان؟
كيف شرحت هذه الأمّهات القصد من وراء صيام رمضان لأطفالهنّ الصغار
"ماما، لماذا لا يمكنكِ أن تأكلي أو تشربي أيّ شيء؟" أو "لماذا يريد الله منكِ أن تشعري بالجوع؟".
هذا هو السؤال الذي تتلقّاه الأمّهات الصائمات كثيراً خلال شهر رمضان.
رمضان ليس مجرد شهر للامتناع عن الطعام، والشراب، والجِماع الزوجيّ من شروق الشمس وحتّى غيابها فعليّاً، بل شهر لترويض النّفس والرّوح أيضاً. فهو يمثّل فكرة التنازل عن رغبات النّفس إلى خالق هذا الكون، وتقوية روحانيّتنا بحيث يسيطر عقلنا على متطلّبات جسمنا بشكل أساسيّ، كما يُعزز المبدأ القائل بأنّنا أكثر من مجرد كائنات مادّية مشغولة بإطعام أجسادنا دون النّظر إلى حاجات أرواحنا. فبالامتناع عن الطعام والشراب، نشعر بإحساس الأشخاص المحرومين، الذين يعانون من الجوع والعطش ولا يعرفون متى سيحصلون على وجبتهم المقبلة أو كأس الماء القادم. لذا فالصيام يولّد التعاطف في قلوبنا بعد أن شعرنا بمعاناة الآخرين.
لكن كيف يمكنكِ أن تشرحي مفهوم شهر رمضان لأطفالك البالغين من العمر 5 أو 6 سنوات بطريقة لا تمكّنهم من فهمه وحسب، بل تجعلهم يقدّرون أهمّيته ومغزاه العاطفيّ والروحيّ أيضاً؟
إنّها مهمّة صعبة بالنّسبة للكثيرات منّا بالتّأكيد. لذا فإليكِ كيف انتقلت بعض الأمّهات بمبدأ رمضان تدريجيّاً مع أطفالهم.
داليا كيرشا شوقي، 38 عاماً، أم لطفلين يبلغان من العمر 4 و6 سنوات.
خلال العام الماضي، تناولت شوقي موضوع رمضان مع أطفالها عندما أحسّت بفضولهم تجاه صومها عبر طرح الكثير من الأسئلة عليها. ونظراً لكونهم أطفالها صغاراً، أرادت إبقاء شرحها مبسّطاً للغاية، فتقول: "أخبرتهم أنّ الله يريدنا أن نفهم ونشعر كيف يشعر الفقراء. أرادوا أن يعرفوا لماذا بالطّبع، لماذا يريدنا الله أن نشعر بما يُحسّ به الفقراء؟ لذا، قلت لهم، لأنّنا حينها سنعرف كيف يبدو الأمر عندما يشعر المرء بالجوع والعطش، وفي المرّة القادمة التي نرى فيها أشخاصاً فقراء، سنكون أكثر لطفاً معهم وسنحاول مساعدتهم لأننا نعرف صعوبة ما يشعرون به".
وتقول شوقي بأنّها حرصت على إشراك أطفالها أيضاً في ملء ثلّاجات رمضان وتنظيم وجبات الطعام للفقراء فضلاً عن التبرع ببعض الأشياء للمحتاجين.
فقالت: "لقد تأثروا حقّاً بالأمر. حيث ركضوا إلى غرفهم وجلبوا كلّ ألعابهم المفضلة. وبذلك أصبح رمضان بالنّسبة لهم شهر العطاء بدلاً من شهر الطلبات، وهذا ما أعتقد أنّهم قد فهموه تماماً نتيجة لتلك الأشياء التي كنّا نفعلها".
الشيء الوحيد الذي كانوا يشعرون بالفضول الشديد تجاهه، هو ماذا سيحدث إن أكلت أمّهم أو شربت عن طريق الخطأ؟
فأوضحت لهم قائلةً: "بأنّها ستكون مجرّد أُعطية من الله كمساعدة بسيطة لها".
منى رمزي، 40 عاماً، أم لطفلين يبلغان من العمر 10 و15 عاماً.
بالنسبة لمنى، كان ابنها مهتمّاً برمضان عندما رأى أنّ الجميع في منزله يصوم خلال هذا الشهر، بما في ذلك والديه وأجداده. وتقول رمزي بأنّها قد تحدثت عن الفقراء في توضيحها له. حيث تحدثت عن المحرومين في جميع أنحاء العالم، وحول "تهيئة أجسادنا لتشعر بمعاناتهم". عندما كبر أولادها أكثر، شرحت لهم مفهوم سيطرة العقل على الجسد وكيف أنّ الصيام يُمثّل شكلاً من أشكال خضوعنا لله عزّ وجل.
لا يُكلَّف الأطفال بالصّيام فعليّاً حتى يصلوا إلى سن البلوغ، وعندها يصبح الصّيام واجباً عليهم. ما يفعله الآباء العرب غالباً في تحضير أبنائهم للوصول إلى تلك المرحلة، هو البدء بتشجيع أطفالهم على الصّيام حتّى منتصف اليوم، بحيث يكون الأمر أسهل عليهم عندما يكبرون.
عندما كان في سن العاشرة من عمره، أراد ابن منى الصيام لتقليد والديه. فصام في النّصف الثاني من اليوم، بعد أن عاد من المدرسة إلى البيت. إذ ترى منى أنّه من المهمّ جدّاً بالنّسبة للآباء الذين يمرّون بهذه المرحلة أن يؤكّدوا على أبنائهم بتجربة صيام الجزء الذي يلي دوامهم المدرسيّ من اليوم، حيث يصعب عليهم في تلك الأعمار الصيام خلال تواجدهم في المدرسة، الأمر الذي قد يُشعرهم بالخجل أمام أصدقائهم، الذين قد يُحدِثوا تأثيراً سلبيّاً على مفهوم رمضان في عقولهم وربّما ثنيهم عن الصيام في المستقبل.
أمّا بالنّسبة لي، فقد حاولت أن أتجاوز تفسير التعاطف مع الفقراء وتحدّثت عن مدى القوّة التي سيمنحهم إيّاها الصيام عندما تناقشت مع أولادي حول هذا الموضوع.
"هل سأصبح مثل سوبرمان؟"، سألتني ابنتي البالغة من العمر 5 سنوات.
"نعم. مثل سوبرمان. لكن مع كريبتونيت رمضان!" وجدت طفلتي ذلك مضحكاً، لكنّها فهمت المغزى بالطّبع.