إن سألتموني: ما هو المشروب الوحيد الذي لا أستطيع العيش بدونه، فسأجيبكم: القهوة دون أدنى شك. فكوب ساخن من القهوة السوداء القوية هو الشيء الذي يجعلني أنهض من السرير (بكلّ معنى الكلمة، فأنا لستُ من الأشخاص النشطين في الصباح)، وهو الذي يبقيني بمزاج معتدل ويمنحني يقظة الكافيين على مدار اليوم فعليّاً. كما أنّني أعرف كيف أحبّ قهوتي، وأميّز بين الفنجان اللّذيذ وذاك الذي يبدو طعمه كشيء مقرف محترق، لكن عندما قمت برحلة إعلاميّة حديثة مع علامة نسكافيه إلى كولومبيا، أدركتُ أنّني كنت جاهلة جدّاً بكل ما يخصّ تعقيدات أنواع القهوة وسبب حبّي لما أحبّه.
كجزء من تلك الرحلة، اشتركت في جلسة "اختبار أكواب" لأوّل مرّة —لكن ليس كتلك التي أجراها السبّاح الأمريكيّ مايكل فيلبس— لدى اتّحاد مزارعي القهوة الكولومبيّ (المعروف اختصاراً بـFNC) بالعاصمة بوغوتا، حيث ألقيت نظرة مباشرة على الطريقة التي يحرص فيها الخبراء على مطابقة كلّ حبّة بن يتمّ تصديرها خارج البلاد لمعايير الجودة العالية التي تشتهر بها القهوة الكولومبيّة، إضافة إلى ملاءمتها للخيارات المفضّلة للنّكهات والتي تختلف من عميل إلى آخر ومن بلد إلى آخر. شعرت أنّني خضت تجربة شبيه بتجارب تذوّق أجود العصائر من جهة، وبالمشاركة بمسابقات pop quiz من جهة أُخرى. لكنّهم قالوا أنّه لا توجد إجابات خاطئة على خلاف ما يحصل باختبار المدرسة. مع ذلك، أصبحتُ أقدّر اليوم براعة الخبراء وذوقهم الرّاقي والرّفيع.
إليكم ما مررتُ به!
المكان
Image Source: POPSUGAR Photography / Tara Block
أقيمت جلسة اختبار الأكواب في غرفة بدت وكأنّها مختبر بتصميمها الذي يطغى عليه الأبيض. ارتدينا مريولاً وأمسكنا قلم رصاص ولوحاً مشبكيّاً مزوّداً بميزة "التقييم الحسيّ"، ثم وقفنا حول طاولة بستة مجموعات، بينما يقف كلّ واحد منّا بجانب أوعية قهوة تحمل أرقاماً مملوءة بنكهات القهوة بجانب كوبين فارغين. على الطاولة كان هنالك عجلة ألوان مملوءة بالنّكهات الموزّعة بشكل واسع في مركز العجلة وتتدرّج لتصبح محدّدة للغاية في الحلقة الخارجية. على سبيل المثال، تشمل بعض النّكهات في المركز: "نكهة الفاكهة"، و"نكهة الزهور"، و"نكهة المكسّرات/الكاكاو"، و"نكهة التوابل". تحت تصنيف "نكهة الفاكهة"، يمكنكم الانتقال إلى "نكهة التوت" من الخيارات، ثم انتقاء شيء محدّد مثل "نكهة التوت الأسود".
1 / 7
عطر القهوة
Image Source: POPSUGAR Photography / Tara Block
الخطوة الأولى لتقييم "عطر القهوة"، أي رائحة البنّ المطحون الجافّ والتي لا ينبغي الخلط بينها وبين "شذى القهوة" الذي ينبعث من البنّ المطحون بعد سكب الماء الساخن عليه. بالنّسبة للعطر، ما عليكم سوى أن تضعوا أنفكم فوق وعاء القهوة وتستنشقوا بعمق لعدّة مرّات. تتنقّلون خلال ذلك من وعاء إلى آخر عبر الطاولة، وتدوّنون النّكهات التي تشمّونها في العمود الأول من الجدول المجاور للأرقام. لكن باعتباري مبتدئة، وجدت هذه المرحلة صعبة للغاية (فرائحتها جميعها كالقهوة بالنّسبة لي)، لذا التزمتُ بالتصنيفات الأوسع؛ مثل "حبوب السيريال"، و"الحمضيّات"، و"التحميص".
2 / 7
شذى القهوة
Image Source: POPSUGAR Photography / Tara Block
بعد ذلك تضيفون الماء الساخن إلى الوعاء وتتركونه للنّقع مدة ثلاث دقائق. ثم "تكسرون" تجانس الوعاء عن طريق تحريك القهوة والماء ثلاث مرّات (من المهمّ عدم الإفراط في التحريك، وهو شيء تعلّمته بدرسٍ قاسٍ...). لاحقاً، يمكنكم إضافة المزيد من الماء الساخن وترك الخليط يُنقع لمدّة دقيقتين، لتتوجهوا إليه بعد ذلك وتستنشقوا كلّ وعاء من أجل تقييم شذى القهوة. يمكنكم تدوين النّكهات التي يمكنكم شمّها في العمود الثاني. لقد لاحظت أنّه من الأسهل تحديد روائح معيّنة من القهوة عند إضافة الماء، بالمقارنة مع الخطوة الأولى. يجب أن تكون العمليّة سريعة حتى لا تبرد القهوة كثيراً عند الانتهاء من كافّة اختبارات التذوّق.
3 / 7
الأكواب
Image Source: POPSUGAR Photography / Tara Block
في حالتنا، قاموا بصبّ كلّ وعاء من القهوة في كوبين. من المهمّ أن تتذوّقوا أكثر من كوب واحد من كلّ دفعة لأسباب تتعلّق بالجودة. في الحقيقة، يتذوّق خبراء اتّحاد مزارعي القهوة الكولومبيّ أربعة أكواب من كلّ وعاء للتأكّد من تجانس طعم كلّ كوب. والشيء الجنونيّ أكثر حتى هو أنّهم يقومون بجلستي اختبار في اليوم الواحد تتضمّنان 40 عيّنة في كلّ اختبار، وأربعة أكواب من كلّ عينة. ومجموع ذلك 320 كوباً يوميّاً، مقارنةً بـ12 كوباً تذوّقناهم نحن. لكن لا تقلقوا، فلن يموت أحد بسبب جرعة زائدة من القهوة. لأن الاختبار مماثل لتذوّق النبيذ فأنتم لا تبتلعون خلاله القهوة، بل تأخذون رشفة وتبصقونها، كما سأشرح لكم الآن عن الأمر.
4 / 7
التذوّق
Image Source: POPSUGAR Photography / Tara Block
في الخطوة الثالثة تأخذون ملعقة وترتشفون بطريقة الشفط من كلّ كوب قبل أن تبصقوها في كوب منفصل، ثم تشطفون الملعقة في الماء الساخن بين كلّ كوب وآخر خلال تنقّلكم بين الأكواب على الطاولة. نعم، لم يكن ذلك خالياً من الجراثيم، لكنّكم لا تشربون القهوة فعليّاً، والعمليّة لا تجري على غرار هذا دائماً. في شركة نستله Nestle، على سبيل المثال، لديهم ملاعق فرديّة خاصّة بهم.
كما هو الحال مع الخطوتين الأولى والثانية، فإنّكم تملؤون العمود التالي بالنّكهات التي تتذوّقونها من كلّ وعاء. عند الوصول إلى هذه المرحلة، بدأت أصبح أكثر مهارة بالأمر، كما صرت أيضاً آخذ نظرة خاطفة على ما كان يكتبه متذوّقو القهوة المخضرمون جيّداً للتأكّد من أنّني لستُ في وادٍ آخر كليّاً. وذلك للتحقّق ممّا كنت أقوم به، وليس للغشّ أبداً! لقد انتهينا من العمليّة عند إتمام الخطوات الثلاث، لكن في الاختبارات الأُخرى غالباً ما تكون هناك خطوة رابعة لتقيّيم القوام؛ أيّ ما يحسّ به فمكم عند شرب القهوة.
5 / 7
النتائج
Image Source: POPSUGAR Photography / Tara Block
قام ممثّل عن اتحاد مزارعي القهوة الكولومبيّ —والذي مشى معنا خلال العمليّة بأكملها— بإطلاعنا على الصنف الذي تنتمي له كلّ عيّنة والصفات الخاصّة بكلّ نكهة. في اختبار القهوة الذي أجريناه، حيث بدأ بنوع قهوة من أقصى شمال منطقة زراعة البن في كولومبيا فوضعه في الوعاء رقم 1، فيما تضمّن الوعاء رقم 6 قهوة أقصى الجنوب. أمّا النكهات فتتباين من أقلّها حموضة وأكثفها قواماً (مثل الشوكولاته، وحبوب السيريال، والمكسّرات) في الشمال، إلى أكثرها حموضة وأحلاها طعماً (كالكراميل، والفانيليا) في الجنوب. أكثر ما يفضّله الأمريكيّون وربّما يخطر ببالهم عندما يتعلّق الأمر بالقهوة الكولومبيّة التي يشربونها في الولايات المتحدة هي أنّها أكثر حموضة. عن نفسي فضّلت الأكواب التي تحتوي على القوام الأكثف، إلى جانب إضافاتٍ من الكاكاو وحبوب السيريال، لكن مع جميع الأنواع الموجودة هناك، فيعتمد الأمر أيضاً على عيّناتكم المحدّدة.
6 / 7
الدرجة النهائيّة
Image Source: POPSUGAR Photography / Tara Block
إذا كنت سأعطي درجة لنفسي عن أوّل اختبار أكواب لي، فمن المحتمل أن تكون العلامة C (هذا إن أردت أن أكون كريمة). ما يزال أمامي طريق طويل علي قطعه قبل أن أتمكّن من أخذ رشفات سريعة من 320 كوب قهوة كالمحترفين، لكن أصبح لديّ فهم أفضل عن الفرق بين "نكهة الزهور" و"نكهة الفواكه"، وبين الحموضة والقوام، وأنا متشوّقة لمتابعة تثقيف نفسي بمجال القهوة أكثر.