Skip Nav

هل من المُمكن لحبّ الشباب أن يدمّر حياتكم المهنيّة

هل حقّاً يمكن أن يكون حبّ الشباب عائقاً يحول دون حصولكم على وظيفة الأحلام؟


أكثر ما يثير استياء أيّ شخص يعاني من القلق الدائم من الفشل أو سوء الحظّ هو أنّ حقيقة البحث عن وظيفة هي كالتالي: خلال مقابلات التوظيف، كأيّ شيءٍ آخر في الحياة، لا يُمكنهم السيطرة سوى على القليل من الأمور فيها. فحتّى عندما يصقلون سيرتهم الذاتيّة بدقّة، ويجرون بحثاً عن الشركة، ويخطّطون للإجابة بردودٍ مدروسة حتّى على أسئلة غريبة مثل "أيّ نوع من الحيوانات كنتم تتمنّون أن تكونوا؟"، يوجد أحياناً عوامل أُخرى أقلّ وضوحاً قد تلعب دوراً في احتماليّة توظيفكم – مثل حالة بشرتكم.

قد لا يكون ذلك عن قصدٍ فعلاً، لكن بالنّسبة لبعض أرباب العمل، هذا النّوع من التحيّز موجود بالفعل. حيث أظهرت الدراسات أنّ الأشخاص الذين يعانون من حبّ الشباب في الوجه يتعرّضون للتمييز في سوق العمل، فيما كشفت دراسة استقصائيّة أن 78% من المشاركين في الاستطلاع يعتقدون أنّ الأشخاص الذين تبرز على وجوههم عيوب البشرة أو ندبات حبّ الشباب، كانت فرصتهم أقل بالتوظيف بناءً على مظهرهم.

تعليقاً على هذا الموضوع، قالت السيّدة أليسون غرين، وهي مديرة توظيف سابقة وكاتبة مقالات للمدوّنة المهنيّة الشهيرة Ask a Manager: "نعيش في مجتمع يبرمجنا على تقبّل بعض القوالب النمطيّة التي قد تكون موجودة خارج إطار وعينا الإدراكيّ"، مضيفةً: "قد تكون هذه الأنواع من التحيّز مرتبطة بالعرق، أو الجنس، أو السن، أو الدين، أو الإعاقة، أو الطبقة الاجتماعيّة-الاقتصاديّة، أو جاذبيّة المظهر – وكلّ ما إلى ذلك".

من النّاحية القانونيّة، لم يتم إصدار أيّ قانون اتحاديّ لحماية التمييز بين الناس على أساس مظهرهم، ما لم يكن هناك دليل على وجود إعاقة ما على الأقل. لكن بالنّسبة للنّاحية الأخيرة هذه –أي التحيّز القائم على جاذبية الأشخاص الجسديّة– فقد تمّ بحثها على نطاقٍ واسع.

من جهته، يقول المُعالج النفسي ماثيو تروب، الحاصل على شهادة MFT والمتخصّص في التأثير النفسي للأمراض الجلديّة: "سواء كنّا نفعل ذلك عن وعيٍ أو بدون وعيٍ، نحن نفترض أنّ جاذبية الشخص ترتبط بكفاءته، رغم أنّنا نعرف أن هذا ليس صحيحاً نهائيّاً"، ثمّ يتابع: "لقد أخبرني بعض المرضى أنّهم أحسّوا بأنّهم كانوا سيحصلون على وظيفة لو لم يكن لديهم حبّ الشباب".

في بعض الحالات، يمكن أن يختلف هذا الانحياز بناءً على دور الشاغر المتوفّر؛ حيث تشير السيّدة غرين إلى أنّ الكثير من مدراء العمل قد يركّزون على مظهر المرشّح إذا كانت الوظيفة تتضمّن اللّقاء وجهاً لوجه مع عملاء الشركة. إذ تقول: "هم يعبّرون عن هذه النّقطة من خلال القول بأنّهم يبحثون عن مرشّحين'لبقين وأنيقين'، لكن على أرض الواقع، قد يكون التركيز أحياناً على المظهر الجسديّ للشخص أكثر منه عن أناقته"، ثمّ أردفت قائلةً: "ولكي نكون واضحين، يجب أن يدرك أرباب العمل أنّ الشخص قد يعاني من حب الشباب ويكون لبقاً وأنيقاً أيضاً في الوقت ذاته".


أما بالنّسبة للسبب وراء ذاك التحيّز، فتفترض نظريّة السيّد تروب أنّ ذلك يعود للتصوّر الخاطئ بأنّ الجلد المصاب بالبثور بحب الشباب ينتج عن قلّة النّظافة –وهو عامل ربط خاصّ بمدير التّوظيف رغم كونه على دراية جزئيّة به. توافقه الرأي الدكتورة جوزي هوارد، وهي معالجة نفسيّة لأمراض البشرة وخبيرة لدى علامة Abreva، إذ تقول: "غالباً ما يُنظر إلى عيوب البشرة، وقرحات البرد، وحتّى الصدفية، والأكزيما على أنّها مصدر للعدوى. يُمكن أن يكون لدى المجتمع نظرة سلبيّة عن عيوب البشرة، وخاصّة البارزة على الوجه. حتى إن كانت تلك الحالة شائعة".

في عالمٍ مثاليّ، كان سيقوم جميع أرباب العمل بتدريب مدراء التّوظيف على كيفيّة تحديد كلّ نوع من أنواع التحيّز اللّاواعي، ومن ثم الاحتراس منه. مع ذلك، يمكن أن يكون التحيّز ضد حبّ الشباب شيئاً يلحقه الشخص ذاته بنفسه. فيقول السيّد تروب أنّ الدخول إلى المقابلة وإشغال بالكم بأنّ الآخرين سيقلّلون من قدركم بسبب حالة بشرتكم، قد يؤثّر سلباً على أدائكم.

تقول الدكتورة هوارد: "يُمكن أن يكون للإصابة بأيّ حالة جلديّة واضحة –خاصّة التي تظهر على الوجه؛ مثل حبّ الشباب أو قرحات البرد– تأثير عميق على تقدير الذات"، وتضيف: "بحكم تعريفها، تُمثّل مقابلات العمل فترة من الوقت تقدّمون فيها أنفسكم ليجري تقييمكم وتحاولون فيها إبراز أفضل نسخة منكم، إن جاز التعبير. لذا يلتفت النّاس حينها لأيّ عيوب واضحة على بشرتهم، ويزيد لديهم الشعور بالارتباك –ممّا يشتّت ذهنهم ومشاعرهم عن محتوى المقابلة والتفاعل مع الآخرين ويجعلهم بدل ذلك يقلقون بشأن بشرتهم ومظهرهم".

ممّا يزيد الأمور سوءاً هو أنّه إذا كنتم عرضةً لبثور البشرة الهرمونيّة، فقد يؤدّي التوتّر الناتج عن الاستعداد للمقابلة أيضاً إلى ظهور الحبوب بشكلٍ مفاجئ. تخبرنا الدكتورة هوارد قائلةً: "بالنّسبة لأمراض الجلد التي تتفاقم بسبب القلق، فقد تصبح هذه الحالة حلقة مُفرغة. إذ يمكن أن يُضعف التوتّر الجهاز المناعيّ لديكم ويجعلكم أكثر عرضة لحبّ الشباب. بعدها، يزيد الضغط النفسيّ عليكم خوفاً من ظهور البثور النّاتجة عن الإجهاد؛ وهذا بدوره يُفاقم حبوب البشرة".

عندما تشعرون ببدء ظهور حبّ الشباب النّاتج عن القلق، فإنّ أهمّ إجراء عمليّ يمكنكم اتّخاذه هو الالتزام بروتينكم المعتاد للعناية بالبشرة. لا تلحقوا به خطوة إضافيّة أو تقضون الكثير من الوقت أمام مرآةٍ مكبّرة –حيث سيزيد هذا من سوء الوضع، وفقاً لقولها. ضعوا في حقيبتكم منتجاً علاجيّاً سريع المفعول يستهدف المنطقة المصابة أو ضمادة مخصّصة للبثور. لكنّ الأهمّ من ذلك كلّه، تحلّوا بالثّقة المطلقة كما لو أنّها جاءت هديّة مع إحدى السلع الفاخرة.

تختتم الدكتورة هوارد قائلةً: "العامل الأكثر أهميّة هنا هو تقديم أنفسكم على أنّكم مرتاحين حيال بشرتكم. فقد يكون لديكم بثور واضحة، لكنّ تركيز انتباهكم على حماستكم بشأن الوظيفة سيؤدّي إلى تحويل انتباه مدير التّوظيف عن ذلك فوراً. وكما قالت صوفيا لورين ذات مرّة، نصف الجمال هو أن تؤمنوا أنتم بجمالكم".

Latest Career & Money