كيفية اعتزال وسائل التواصل الاجتماعي
أضعتُ هاتفي المحمول واضطّررتُ للبقاء بعيدةً عن مواقع التواصل الاجتماعيّ – كان ذلك أروع يومٍ في حياتي على الإطلاق

لم أترك وسائل التواصل الاجتماعيّ عن قصد، رغم أنّني قرأت الكثير من القصص حول الأسباب التي تجعل من أخذ استراحة فكرة جيّدة. وباعتبار أنّ شخصيّتي تنتمي لنوع A التنافسيّ التي تدمن تفقّد البريد الإلكترونيّ باستمرار ومتابعة آخر الأحداث — ليس فقط عندما يتعلّق الأمر بدائرة أصدقائي لكن فيما يرتبط أيضاً بالأخبار المتعلّقة بعملي كمحرّرة — فقد وضعت الفكرة جانباً. إذ كذبت على نفسي مرّة وقلت: "سأحاول حذف الإنستغرام فيإجازتي القادمة". أكثر فترة بقيت فيها بعيدة عن الإنترنت كانت خلال رحلتي الأخيرة إلى مدينة ألعاب ديزني مع عائلتي، حيث قرّرت حينها التوقّف عن مشاهدة كلّ واحدة من قصص الإنستغرام (مثلما أفعل عادة) في أعلى صفحة المنشورات، ليس لشيء إنّما للحفاظ على عمر البطاريّة بشكل أساسيّ.
لكن عندما فقدت هاتفي في أوّل عاصفة ثلجيّة شهدها الساحل الشرقيّ الأمريكيّ لهذا الموسم، سرعان ما أصبحت قصص الإنستغرام جزءاً من الماضي البعيد. إذ كانت الظروف الجويّة حينها شبيهة بالعاصفة الثلجيّة التي ضربت مدينة نيوآرك بولاية نيوجيرسي، وكنت أنا في مركبة أوبر أحاول الوصول إلى مكتب زوجي حتى نتمكّن من قيادة سيّارتنا إلى مدينة أتلانتيك سيتي لقضاء عطلة نهاية الأسبوع. كنّا قد حجزنا سابقاً غرفة في الفندق، وأمّنا حجوزات العشاء في أحد المطاعم الإيطاليّة التي تعدّ من أصعب الوجهات للدخول إليها، وقد قمتُ باختيار أزيائي. كان كل شيء مرتّباً ومحسوماً! لذا كان لا بدّ لي من الوصول إليه. عندما شلّت حركة المرور كليّاً، وأدخلني سائق مركبة الأوبر في الزّحام، اقترح عليّ أن أجمع ممتلكاتي وأن أخرج وأركض نحو "جوي" الذي كان في سيّارته على بعد بضعة مبانٍ منّا.
وضعت محفظتي بحذرٍ في حقيبتي الاسطوانيّة وأدخلت هاتفي بجيبي، فأنا أعلم أنّني بحاجة إليه للاتصال بجوي عندما أكون قريبة منه. لكن بعد أن قفزت من السيّارة، سقط منّي هاتفي في الثلج، ولم أكن أدرك أنّه ضاع حتى سمعت أحدهم وهو ينادي باسمي من الجانب الآخر من الشارع. في تلك اللّحظة، وأنا أقطر ماءً بسبب العاصفة ومع إدراكي لفكرة أنّني كنت أجري في منطقة غير آمنة من دون جهاز تتبّع، كان كلّ ما يهمّني هو الوصول إلى جوي. اللّعنة على الهاتف.
عندما صعدت في مركبة جوي، استخدمنا ميزة Find My Friends لتتبّع هاتفي ووجدنا أنّ شخصاً ما قد التقطه فعلاً. إلا أنّ بعض المكالمات التي أجريناها دون أن يردّ أحد عليها أكّدت لي أنّني لن أسترجعه. لكنّ جوي كان مصدوماً لأنّني لم أشعر بالذّعر كثيراً حيال ذلك، فهو يعرف طبيعة شخصيّتي، ورأى كيف كنت أحدّق في شاشتي أكثر ممّا كنت أحدق به خلال الأشهر القليلة الأولى من علاقتنا. كان الطقس سيّئاً للغاية، وأحسننا بالتوتّر العارم والغضب من حظّنا السيّء، لدرجة أنّنا حاولنا تغيير اتّجاه السيّارة نحو منزلنا وتخطّي إجازتنا القصيرة. لكنّ الطريقة الوحيدة التي كانت تسير بها حركة المرور هي نحو الجنوب، وكان سيستغرق الأمر ساعات للسفر شمالاً نحو شقّتنا. لذا قرّرنا التوجّه إلى الشاطئ واستغلال عطلة نهاية الأسبوع الطويلة. كان قضاء أربعة أيام دون مواقع التواصل الاجتماعيّ يمرّ ببالي في كلّ ميل نقطعه.
ما لم أتوقّعه هو مدى إيجابيّة التجربة. فبكلّ جديّة، انتهى بي المطاف بالاستمتاع بأحد أروع أيّام حياتي. إليكم الأشياء التي تغيّرت للأفضل بحالتي والشيء الذي اتّخذت قراراً بشأنه من ناحية علاقتي المستقبليّة بهاتفي.
1 توقّفت عن إعداد قوائم المهام.

2 أُغرمت بزوجي من جديد.

3 قرّرت أن أتغيّر.
