ما هي الحرية الغذائية؟
إن كنتِ قد مللتِ من الضغط النفسي والشعور بالذنب حيال الطعام، فأنتِ جاهزة لنظام الحريّة الغذائيّة الآن إذاً
عدّي سعراتكِ الحراريّة. خذي وحدات الماكرو الخاصة بكِ بعين الاعتبار. احسبي حصصكِ الغذائيّة. زيني طعامكِ. انتبهي للكربوهيدرات. لا تأكلي الأطعمة المصنّعة. قلّلي من السكر، والدقيق، والأطعمة المقليّة. إيّاكي ووضع رشّات من زينة السكّر على الآيس كريم، ولا تتناولي منتجات الألبان، أو الغلوتين، أو فول الصويا، أو الفراولة غير العضويّة! هل أنتِ غارقة في كلّ هذه القواعد الغذائيّة المقيّدة؟ إن كان الأمر كذلك، فمرحباً بكِ في عالم الحريّة الغذائيّة.
ما هو مفهوم الحريّة الغذائيّة؟
الحريّة الغذائيّة هو مصطلح يستخدمه أولئك الذين يتعاملون مع الأكل الحدسي وحركة مناهضة أنظمة التنحيف. قالت أخصائيّة التغذية ومقدّمة بودكاست Intuitive Bites، كريستين أكرمان، "الحريّة الغذائيّة هي القدرة على تجربة متعة الطعام دون أن تكوني مركّزة، وغارقة، ومرهقة بسبب ذلك". وأضافت أنّ الحريّة الغذائيّة تقوم على السماح للطعام بأن يكون ممتعاً، لكن دون أن نسمح له بالسيطرة على حياتنا.
أضافت مستشارة الصحة العقلية المُعتمدة ومستشارة الطعام الحدسي المتخصّصة في فرضيّة (الصحة في كل حجم)، مولي بحر، أنّ "الحريّة الغذائيّة هي تجربة تحرير أنفسنا من اتباع نظام غذائي مزمن والالتزام الصارم بقواعد حول متى، وماذا، وكم مرّة، والمقدار الذي يجب أن نأكله". بينما نعالج علاقتنا بالطعام وبجسمنا، يمكننا الاستمتاع بالطعام الذي نريد تناوله ثم المضي قدماً، ممّا يسمح لنا بقضاء وقتنا، وطاقتنا، ومساحة عقولنا، وأموالنا في أشياء مهمّة حقّاً.
قالت أخصائيّة التغذية المعتمدة ومؤسِّسة مدونة الصحة The Wellful، برينا أومالي، لبوب شوغر أنّها ترى الحريّة الغذائيّة بوصفها شيئاً من جسمكِ ومن علاقتكِ بالطعام، ممّا يعيدكِ إلى موقع القيادة من جديد، حيث تحدّدين خياراتكِ من مكان يُشعركِ بالرضا بدلاً من الشعور بأنّك تحت السيطرة الدائمة للطعام أو القلق.
أمّا بالنسبة لأخصّائية التغذية المتخصّصة في مساعدة العملاء على تحقيق التوافق بين الطعام وأجسادهم، نيكول كروز، فالحريّة الغذائيّة تعني أن تتمّ دعوتكِ إلى حفلة شواء من قِبل إحدى الصديقات دون أن تقلقي بشأن ما إذا كان هنالك شيء يمكنكِ تناوله أم لا. إذ كلّ ما عليكِ القيام به بناءً على ذلك هو الذهاب وأكل كلّ ما يبدو لذيذاً دون الشعور بالذنب أو التفكير قائلةً "يجب أن أعود إلى المسار الصحيح أو أمارس الرياضة لحرق هذه الدهون غداً". يقوم هذا المفهوم على تناول الطعام الذي تريدينه دون أن تشعري بأنّه يستدعيكي أو أنّكِ لا تستطيعين التوقّف عن الأكل. تعني حريّة الطعام أنّه يمكنكِ الذهاب إلى أيّ حدث والتركيز على الاستمتاع بالصحبة اللطيفة هناك أكثر من التفكير في الطعام بحدّ ذاته.
هل هنالك مستويات مختلفة من الحريّة الغذائيّة؟
لا تحدث الحريّة المطلقة للطعام بين عشية وضحاها بالتأكيد. قالت بحر، تمرّ هذه العمليّة بعدّة مستويات، ويختلف كلّ شخص عن الآخر في طريقة تعامله معها. لقد أمضى الكثير منّا سنوات أو حتى عقود مع ثقافة حميات التنحيف الغذائيّة، لذا فمن الصعب التبديل مباشرة وتبنّي مبدأ الحريّة الغذائيّة على الفور.
أوضحت أخصائيّة التغذية بريان كوليت أنّ الحرية المطلقة للطعام لا يمكن أن تحدث إلّا بعد معالجة علاقتكِ بالطعام. قد تكون هنالك مراحل تؤدّي إلى هذه النتيجة حيث تتعلّمين خلالها كيفيّة القيام بذلك. قد يكون الانتقال إلى حريّة الطعام والابتعاد عن اتباع نظام غذائي وتتبع مدخولكِ أمراً مخيفاً للغاية، لذا قد تكون العمليّة تدريجيّة حيث تتخلّصين ببطء من قواعد الطعام، وتدركين أنّه لا بأس بكسر القواعد، وتبدئين بالتخلّي عن تلك القواعد أكثر فأكثر.
ماذا يحدث عندما تكون لدينا حريّة غذائيّة؟
قالت بحر أنّ تحقيق الحريّة الغذائيّة يعني عدم الشعور بالذنب والعار من تناول الأطعمة التي نحبّها. لا مزيداً من قضاء الوقت في العدّ، أو التتبّع، أو القياس، أو حتى "ممارسة لعبة الطعام Tetris لأنّنا نثق في أحد التطبيقات الذكيّة أكثر ممّا نثق بأجسادنا". مع حريّة الطعام، نحن قادرون على احترام إشارات الجوع والشبع دون استجوابهم أو الحكم عليهم باستمرار.
أوضحت كروز أنّه عندما تتمتّعين بحرية الطعام، يمكنكِ تحديد اختيارات الطعام دون أيّ قواعد وعرض كافّة الأطعمة بشكل محايد، على عكس ما هو جيد أو سيئ. لن يحدّد الطعام قيمتكِ بعد الآن لأنّكِ ستشعرين بالشيء نفسه تجاه نفسكِ سواء تناولتِ تفاحة أو قطعة بسكويت. سيأخذ الطعام مساحة مناسبة في حياتكِ، لكن لن تكون له الأولويّة فوق أيّ شيء آخر فعليّاً. لن تخشي الطعام بعد الآن وستقولين نعم أو لا بناءً على ما تفضّلينه، وليس بناءً على القواعد.
قالت كوليت أنّ الأمر أكثر من مجرّد طعام، فهو "أن تكوني قادرة على أن تقولي نعم لسهرة عشاء عفويّة دون القلق بشأن السعرات الحراريّة. يتعلّق الأمر بالاستمتاع بطعام يتجاوز كونه مجرد وقود يحتاجه جسمكِ، مثل المتعة والراحة تمام، والأهم من ذلك كله، عدم السماح له بأن يفرض عليكِ طريقة إدارة حياتكِ". الغذاء جزء حيويّ من وجودنا ونحتاجه كلّ يوم. مع مفهوم الحريّة الغذائيّة، لم يعد الطعام يملي عليكِ ما يجب عليكِ أن تشعري به حيال نفسكِ يوماً بعد يوم.
قالت أكرمان: "ثقافتنا تدعم العلاقة المضطربة بين الطعام وأجسامنا، ممّا يجعل علاقة الطعام بشكل أجسامنا شيئاً طبيعيّاً تماماً". في نهاية المطاف، يسرق كلّ من الطعام وشكل الجسم وقتنا بعيداً عن الانخراط في جوانب حياتنا ذات القيمة والمغزى (عواطفنا وعلاقاتنا، على سبيل المثال). عندما نصل إلى مرحلة الحريّة الغذائيّة، فنحن نعود لإنفاق وقتنا وطاقتنا على هذه الأشياء مرّة أُخرى.
من جهتها، طمأنتنا بحر بأنّنا ولدنا جميعاً بهذه القدرة على تناول الطعام "بشكل طبيعي" ويمكننا العودة إليها فعليّاً. إذ تماماً مثلما يمكننا الوثوق بإشارات الجسم الطبيعيّة الأُخرى التي تخبرنا عندما نشعر بالعطش، أو التعب، أو بالحاجة للذهاب إلى بيت الخلاء، يمكننا كذلك أن نتعلّم أن نثق بأجسادنا عندما نشعر بالجوع، وما يبدو مرضياً، والوقت الذي نكون قد وصلنا فيه إلى حالة الشبع كذلك.
هل الحريّة الغذائيّة هي نفسها الأكل الحدسي؟
أوضحت أكرمان أنّ الأكل الحدسي هو وسيلة لتحقيق الحرية الغذائيّة. يوفر إطار الأكل الحدسي 10 مبادئ لدعم رحلتكِ نحو علاج علاقتكِ بالطعام وبجسمكِ. وهي تشمل رفض عقليّة نظام التنحيف الغذائيّ، واحترام مبدأ الجوع والشبع، وإيجاد الرضا عن الطعام، والتعامل مع المشاعر بدون طعام. الأكل الحدسي هو طريقة والحريّة الغذائيّة هي الهدف، ممّا يعني أنّه يمكن تحقيق الحريّة الغذائيّة بطرق أُخرى، دون اتباع المبادئ العشرة للأكل الحدسيّ بالضرورة.
أشارت كوليت أنّ المبادئ العشرة للأكل الحدسي تشمل ما هو أكثر من الطعام أيضاً. إذ يتضمّن الأكل الحدسيّ كذلك صورة الجسم والتمارين الرياضيّة — اثنان من المبادئ هما احترام جسمكِ وممارسة الرياضة للشعور بالرضا.
ما هي العقبات التي يمكن أن تعترض طريق تمتّعكِ بالحريّة الغذائيّة؟
قالت بحر: "تتعلّق رحلة العودة إلى جعل أسلوب أكلنا طبيعيّاً بالتخلي عن قواعد الطعام، ومنح أنفسنا الإذن بتناول جميع الأطعمة التي نريدها، والتخلّص من فوبيا الدهون المتكدّسة ووصمة العار المرتبطة بالبدانة". من المهمّ تثقيف أنفسنا أكثر بشأن ثقافة نظام التنحيف الغذائي وفهم السبب وراء كون معايير الجمال غير الواقعية ووصمة العار المرتبطة بالبدانة أشياء شديدة الضرر — على الصعيدين العاطفي والجسديّ. قد تستغرق هذه العمليّة وقتاً أطول ممّا تعتقدين — قد تبدو المسألة صعبة ومخيفة حقاً وهذا أمر طبيعيّ تماماً.
قالت بحر: "لا أعرف أيّ شخص يمكنه التخلي عن كافّة القواعد الغذائيّة وممارسة جميع المبادئ العشرة للأكل الحدسي على الفور". عندما نجمع معلومات حول الأكل الحدسيّ ونتعرّف على ثقافة نظام التنحيف الغذائي، ونكتشف لماذا لا تعمل الأنظمة الغذائية على المدى الطويل، فسيلهمنا ذلك للبدء وببطء في التخلي عن الأشياء التي تبقينا في عقلية النظام الغذائيّ. يمكننا أن نشعر تدريجيّاً براحة أكبر عند عدم استخدام تطبيقات تتبّع الطعام أو أجهزة تتبّع اللّياقة البدنيّة، وعدم وزن أنفسنا، وعدم متابعة الحسابات التي تركّز على أنظمة التنحيف الغذائيّة والوزن عبر مواقع التواصل الاجتماعي. ثم يمكننا أن نبدأ في منح أنفسنا الإذن بتناول الأطعمة التي نريدها ونحترم جوعنا دون إصدار أيّ أحكام على ذلك. من المهم أن تتحلي بالصبر مع نفسكِ خلال هذه العمليّة الصعبة أحياناً.
هل يمكنكِ اتباع مبدأ الحريّة الغذائيّة والاستمرار بالرغبة في إنقاص وزنكِ؟
قالت كوليت أعتقد أنّه من المهمّ أن نضيف أنّ حركتا الحريّة الغذائيّة والأكل الحدسي ليستا هنا لتُشعر الأشخاص الراغبين بإنقاص الوزن بالعار بالتأكيد. لكن من أجل علاج علاقتكِ العاطفيّة والعقليّة بالطعام، قالت أنّه من المفيد وضع مسألة خسارة الوزن جانباً بشكل مؤقّت. وأضافت قائلةً: "لا أعتقد أنّه من الممكن محاولة الوصول إلى الحريّة الغذائيّة مع الاستمرار في محاولة إنقاص الوزن". "فقدان الوزن يعني بطبيعته التقييد، وهو عكس الحرية الغذائيّة تماماً. لذا قد يكون ذلك في الواقع خطوة رائعة أولى حقاً — وضع خسارة الوزن جانباً لبعض الوقت والعمل على تجاوزه بينما تواصلين طريقكِ نحو هدفكِ!".
قد تكونين على دراية بمصطلح الحريّة الغذائيّة من كتاب ميليسا هارتويغ، مؤلفة كتاب Whole30، بعنوان Food Freedom Forever. بعد الانتهاء من برنامج يمتدّ لـ30 يوماً —وهو برنامج مقيّد، لكنّه مصمّم ليتم تنفيذه لمدة 30 يوماً فقط— تقترح هارتويغ أن تكون هذه هي الخطة التالية التي يمكن للأشخاص استخدامها للحفاظ على العادات الصحيّة التي قاموا بها خلال الشهر الفائت.
لدى هارتويغ تعريف مشابه للحريّة الغذائيّة مثل الأكل الحدسي وخبراء مناهضة حميات التنحيف الغذائيّة. قالت هارتويغ: "تُشعركِ الحريّة الغذائيّة بالتحكّم بالطعام الذي تتناولينه، بدلاً من أن يتحكّم الطعام بكِ". وأضافت أنّ التمتّع بالحريّة الغذائيّة يعني إبعاد مسألة الأخلاق عن الطعام، والاعتراف بأنّكِ لستِ شخصاً "جيّداً" أو "سيّئاً" بناءً على ما تأكلينه. كما قالت كذلك: "الحريّة الحقيقيّة للطعام تعني أنّكِ لن تشعري بفقدان السيطرة أمام الطعام مرّة أُخرى".
لم تقرأ بحر كتاب Food Freedom Forever، لكنّها قالت أنّكِ إن كنتِ تتبعين خطّة تتضمّن قواعد حول ماذا، ومتى، وكم تأكلين، فلا يمكنكِ التمتّع بحريّة غذائيّة حقيقيّة فعليّاً. إصلاح علاقاتنا مع الطعام ومع جسمنا، والثقة في حدسنا وإشارات الجسم التي تمكّننا من الاعتماد على أنفسنا هو ما يحرّرنا حقّاً.
للمزيد من المقالات، والمقابلات، والتحديثات حول الصحة واللياقة، انقري هنا.