كوفيد-19 | دراسة جديدة تجد أن الكمامة قد تحمي مرتديها أيضاً
أقنعة الوجه الوقائية قد تحمي مرتديها أيضاً إلى حدّ ما، وفقاً لدراسة جديدة
يوصي الخبراء عموماً باتداء الكمامة كوسيلة لمنع انتشار فيروس كورونا؛ حيث يمكن لمرتدي قناع الوجه هذا حماية الأشخاص من حولهم لأنّه يمنع قطيرات الجهاز التنفسي، التي تم تحديدها كوسيلة رئيسية لانتقال عدوى كوفيد-19، من الانتشار في الهواء فعليّاً. لكن هل يمكن أن يشكّل ارتداء الكمامة حماية لمرتديها أيضاً؟ الأمر ممكن بالفعل، وفقاً لدراسة جديدة قام بها باحثون من جامعة كاليفورنيا في مقاطعة سان فرانسيسكو وجونز هوبكنز، سيتم نشرها في مجلة الطب الباطني العام (Journal of General Internal Medicine).
تعتمد الورقة البحثيّة هذه على "أدلة فيروسية، ووبائية، وبيئية" لإثبات حقيقة أنّ ارتداء الكمامة يمكن أن يؤدي إلى استنشاق "جرعة فيروسية" أقل أو كميّة صغيرة من جزيئات فيروس كورونا من قبل مرتديها المعرضين للفيروس. ووفقاً للعديد من الدراسات التي استشهد بها الباحثون، يمكن أن تؤدي جرعة فيروسية أقل إلى أعراض أقل حدّة، أو حتى عدم ظهور أيّ أعراض على الإطلاق، لأمراض معيّنة، بما في ذلك كوفيد-19.
اختبرت إحدى الدراسات التي تمّ الاستشهاد بها، والتي نُشرت في مايو الفائت، هذه الفكرة مع فيروس كورونا وحيوانات الهامستر. حيث أعدّ الباحثون في الصين أقفاصاً للهامستر، بعضها مصاب بفيروس كورونا والبعض الآخر بصحة جيدة، وتمّ الفصل بين المجموعتين بعوازل من الأقنعة الجراحيّة في بعض الأقفاص. في إشارة إلى هذه الدراسة، لاحظ علماء جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو وجونز هوبكنز أنّ الهامستر السليم "أقلّ عرضة للإصابة بعدوى سارس كوف-2 عند فصلهم عن الآخرين بقناع جراحي"، وأولئك الذين لديهم عدوى خفيفة مقارنة بأقرانهم "غير المقنّعين" إن جاز التعبير.
كما اطّلع الباحثون على بيانات انتشار فيروس كورونا قبل وبعد ارتداء الكمامة على نطاق واسع، ولاحظوا أنّ مراجعة مرحلة ما قبل ارتداء الكمامة تقدّر أنّ 15% من حالات كوفيد-19 كانت بدون أعراض. وقد ارتفع هذا الرقم في مراجعة أحدث ليصل إلى هامش بين 40 إلى 45% فعليّاً، ووافق المركز الأمريكي لمكافحة الأمراض والوقاية منها على أنّ الحالات المصابة العدوى والتي لا تظهر عليها أيّ أعراض تصل إلى حوالي 40%. وفي بيئة مغلقة لسفينة رحلات بحرية، لعبت الكمامة دوراً أساسيّاً أيضاً. حيث قُدّرت معدّلات الإصابة الخالية من الأعراض على سفينة دياموند برينسيس في مارس الفائت بحوالي 18%. وفي رحلة بحرية أحدث، تم إعطاء جميع الركاب والموظفين أقنعة وقائيّة بعد ظهور حالة إصابة على متن الطائرة. وبينما كانت نتائج 128 من أصل 217 راكباً إيجابية عند نهاية الرحلة، ظل 81% منهم بدون أعراض فعليّاً.
وبينما يعتبر هذا دليلاً غير مباشر، اعتمد عليه الباحثون لافتراض أنّ أقنعة الوجه يمكن أن تلعب دوراً أساسيّاً في زيادة نسبة الحالات غير المصحوبة بأعراض، والتي، رغم كونها تسبّب مشكلة في نقل الفيروس، يمكن أن تساعد المجتمعات على الوصول إلى مناعة القطيع دون كميّات كبيرة من الإصابات الحادّة والخطيرة.
كما يقترح الباحثون أنّ الأمر قد يتجاوز ذلك، مشيرين مرّة أُخرى إلى أنّ الأدلة كانت غير مباشرة ومن المحتمل أن تتأثر بعوامل متعدّدة، إلّا أّن الباحثين لاحظوا مع ذلك أنّ البلدان التي فرضت ارتداء الكمامة على سكّانها حقّقت نجاحاً أكبر في خفض معدّلات الوفيات بكوفيد-19. وكتب الباحثون قائلين: "في الواقع، حتى عندما عادت الحالات إلى الظهور في هذه المناطق مع فرض ارتداء الكمامة على السكان عند إعادة الحياة إلى طبيعتها (مثل كوريا الجنوبية، وسنغافورة، وهونج كونج، وتايوان)، ظلّت معدلات الوفيات الناتجة عن الإصابة كوفيد-19 منخفضةً نتيجة لفتح البلد مع الحفاظ على ارتداء الكمامة". لذا فما يقوله الباحثون فعليّاً هو أنّ ارتداء الكمامة لا يؤدي إلى بقاء نسبة أعلى من حالات الإصابة بفيروس كورونا بدون أعراض وحسب، بل قد يؤدي في نهاية المطاف إلى تقليل معدلات الوفيات أيضاً.
مرّة أُخرى، الإصابة بالعدوى دون ظهور أعراض هي سيف ذو حدين. حيث كتب الباحثون أنّه يمكن أن يزيد ذلك من انتشار الفيروس، لكنّ "تعريض المجتمع لسارس كوف-2 دون المعاناة من العواقب غير المقبولة للمرض الشديد في الوقت ذاته... يمكن أن يؤدي إلى مناعة أكبر على مستوى المجتمع وإبطاء سرعة انتشاره بينما ننتظر اكتشاف اللقاح". وأضافوا أنّ "الكمامات، حسب نوعها، تقوم بتصفية غالبية الجسيمات الفيروسية، لكن ليس كلها بالطبع"، ممّا يزيد من فرصة الإصابة بعدوى أقل خطورة مقارنة بالعدوى شديدة الأعراض.
لا تثبت الكثير من الأدلة التي تم الاستشهاد بها وجود علاقة واضحة حول السبب والنتيجة بين ارتداء الكمامة واستنشاق جرعة فيروسية أقل، وبين الكمامة والعدوى غير المصحوبة بأعراض. وفي مقال نشرته صحيفة نيويورك تايمز حول هذه الدراسة، أعرب بعض الخبراء عن تحفّظهم بشأن تلك الاستنتاجات، بينما قال آخرون أنّه من المنطقي تماماً أنّ الكمامة ستحمي مرتديها إلى حد ما. هذا وبينما من الضروري إجراء المزيد من البحث لإثبات استنتاجات دراسة جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو وجونز هوبكينز، إلّا أنّ هذه الدراسة تعطينا دافعاً آخراً لمواصلة ارتداء الكمامة فعليّاً: ليس فقط من أجل حماية الآخرين، بل لأنّها قد توفر أيضاً قدراً من الأمان لنا شخصيّاً، نحن الملتزمون بارتداء الكمامات
للمزيد من المقالات، والتحديثات، والأخبار حول كوفيد-19، انقروا هنا.