لاجئ سوري عالق في مطار ماليزي لما يزيد عن شهر
لاجئ سوريّ عالق في مطار ماليزيّ، وقصّته المأساويّة تبدو أشبه بسيناريو أحد أفلام توم هانكس السينمائيّة
تخيّلوا معنا هذا السيناريو: رجل عالق في مطار ما، غير قادر على دخول الدولة بسبب قيود التأشيرة، لكنّه غير قادر على المغادرة والعودة إلى وطنه أيضاً بسبب ظروف الحرب التي تعصف به.
لا نتحدّث هنا عن مشهدٍ من فيلم The Terminal للنّجم الشهير توم هانكس. فهذه هي القصة الحقيقيّة لحسن القنطار البالغ من العمر 36 عاماً، وهو سوريّ كان يقيم في الإمارات العربيّة المتّحدة سابقاً، بيد أنّه عالق الآن في محطّة العبور المؤقّت (الترانزيت) بمطار كوالالمبور الدوليّ في ماليزيا لمدة 37 يوماً، بحسب تقارير The Intercept.
فمع وسادة عنق وبطّانية طائرة لتمنحه القليل من الدفء، ومع تضاؤل موارده الماليّة بسرعة، يعيش القنطار الآن على بواقي وجبات شركات الطيران من الأرز والدجاج، وحركة الترف الوحيدة التي يسمح لنفسه بها هي احتساء فنجانٍ من القهوة مرة واحدة في الأسبوع.
لم تكن الأمور سيّئة جداً على نحو دائم بالنّسبة للقنطار من قبل. ففي عام 2006، كان مقيماً بشكل قانونيّ في أبوظبي ويعمل مديراً للتسويق لدى إحدى شركات التأمين. بعد ست سنوات من ذلك؛ أي بحلول عام 2012، بدأت الأمور تسوء بالنّسبة له. ففي توقيت سيّء للغاية، انتهت صلاحيّة جواز سفره بمجرد اندلاع الحرب داخل سوريا. ورفضت حكومة الإمارات تجديد جواز سفره في الخارج. ممّا يعني أنّه لا يستطيع تجديده إلا من بلده --وهو الوقت الذي كان سيُطلب فيه لأداء الخدمة العسكريّة هناك.
لذا لم يكن هذا خياراً مطروحاً نهائيّاً بالنّسبة للقنطار، ممّا دفعه للبقاء في الإمارات بشكل غير قانونيّ، حيث كان يعمل في وظائف من تحت الطاولة (كما يُقال) وبأقلّ من الحدّ الأدنى للأجور لمجرّد البقاء وإعالة نفسه بين عامي 2012 و2017. كانت ظروفه المعيشيّة صعبة للغاية، لكن لم يكن لديه جواز سفر وبالتّالي ليس لديه إقامة في الدّولة، وهكذا اضطّر القنطار للعيش في الشوارع عندما كان ينفذ المال الذي بين يديه –وهو ما كان عليه الحال أغلب الأحيان.
عندما أمسكت به الشرطة الإماراتيّة في نهاية الأمر، أعطوه خياراً بين العودة إلى دياره أو الذهاب إلى ماليزيا حيث يمكن للسوريّين الدخول دون الحاجة إلى تأشيرة مسبقة. ومُنِح وقتها وثيقة تسمح له بالبقاء مدّة ثلاثة أشهر، لكنّها لا تخوّله بالعمل نهائيّاً. ومع ذلك، لم ينجح حسن بالحصول على إقامة في ماليزيا، التي تسمح للسوريين بدخول البلاد لكن لا تعترف باللّاجئين.
وبدلاً من الاستسلام وتسليم نفسه للشرطة حتى يتم ترحيله إلى وطنه (كما طلبت منه المفوضيّة السامية للأمم المتحدة لشؤون اللّاجئين)، بدأ يفكر في خطط أُخرى. فقد حصل أخيراً على جواز سفره بعد أن وافقت الحكومة السوريّة على تجديد جوازات سفر مواطنيها في الخارج من جديد. حيث تمكّن مالك جواز السفر ساري المفعول ذاك من جمع ما يكفي من المال مقابل تذكرة بقيمة 2,300$ دولار أمريكيّ إلى الإكوادور هذه المرّة، وهي إحدى الدّول القلائل التي تقبل السوريين بدون تأشيرة مسبقة. أصبحت الإكوادور هدفه الجديد، لأنّها لا تسمح للسوريّين بالدخول وتعترف باللّاجئين وحسب، بل يُعتبر الحصول على الإقامة فيها أسهل وأبسط من الدول الأُخرى. لكن عندما رفضت الخطوط الجوّية التركيّة السماح له بالسّفر على متن طائرتها، انهارت تلك الخطّة على الفور.
عندها حاول القنطار خيار كمبوديا، ومع ذلك، تم ترحيله إلى ماليزيا من جديد، حيث أمضى الأيام الـ37 الأخيرة محاولاً إيجاد طريقة أُخرى. ولأنّه تجاوز مدة تأشيرته في ماليزيا، لا يُسمح له بالعودة إليها ودخول البلد حتى عام 2023.
رغم كلّ ما حدث، لم يفقد القنطار الأمل بعد. فباستخدام هاتفه المحمول، يعتمد الآن على مواقع التواصل الاجتماعيّ لإيصال مشكلته إلى العالم. وبالفعل، تم إطلاق صفحة GoFundMe لمساعدته ودعم قضيّته.
هذا وفي الـ13 من أبريل، نشر القنطار فيديو عبر حسابه الشخصيّ على تويتر يتحدّث فيه كيف يستمرّ النّاس بالاقتباس من فيلم The Terminal خلال حياتهم، في إشارة إلى وضعه الحاليّ. لكنّه يقول مازحاً: "كان توم هانكس يمثّل الفيلم مع كاثرين زيتا جونز. باللّه عليكم، ليس لديّ أحد أنا. إن كانت كاثرين هنا، فأنا على استعداد للبقاء في هذا المكان قدر ما تشاء بالتأكيد".
لا يفقد العرب روح الدعابة والفكاهة لديهم حتّى في أسوء الظروف وأصعبها على الإطلاق حقّاً.
#love you all, I really do 😘😘😍😍#syrian_stuck_at_airport#mystory_Hassan #airport_is_my_home#the_terminal_movie_2 pic.twitter.com/VsFAxohepE
— Hassan Al Kontar (@Kontar81) April 14, 2018
#syrian_stuck_at_airport#mystory_Hassan #airport_is_my_home#the_terminal_movie_2 pic.twitter.com/j2YXdBWDbJ
— Hassan Al Kontar (@Kontar81) April 14, 2018