Skip Nav

النساء المصريات يغرمن بالشعر المجعّد

وأخيراً، بدأت النساء المصريّات بتقدير جماليّة شعرهنّ الطبيعيّ المجعّد الآن


تمتلك إحدى بنات عمومتي التي تكبرني سنّاً، واسمها أولي زايد، شعراً مجعّداً للغاية لكنّها تقوم بتسبيله طوال الوقت فعليّاً. أعتقد أنّ آخر مرة رأيت فيها شعرها بحالته المجعّدة كانت في العاشرة من عمري. فعندما يسألها الناس عنه، تُجيبهم بأنّها تكره شعرها منذ الصغر لأنّ والدتها (عمّتي) اعتادت تسرحّه دائماً على شكل جديلة قبيحة ومشدودة لا تلائمها ولم يسبق لها أبداً أن قامت بفرده، واصفةً إياه بالـ"فوضويّ". باختصار، كان شعرها بمثابة لعنة بالنسبة لها.

لكنّها ليست المرأة الوحيدة التي نشأت على كره طبيعة شعرها فعليّاً.

فغالبيّة النساء المصريّات يمتلكن شعراً مجعّداً وهذه من الحقائق الشائعة عن الدولة. لكنّهن يجدن أنفسهنّ مجبرات على تسبيل شعرهنّ في أيّام العمل، والمناسبات، والحفلات، وفي أيّ مكانٍ يشعرن فيه بالحاجة للظهور بإطلالة "أنيقة" و"جميلة" وفقاً لما يعتبره المجتمع جميلاً.

الطريف بالموضوع هو أنّ معظم الفتيات المصريّات اتبعن دائماً قانون الإتيكيت الذي يخصّ الشعر المجعّد ذاك دون التصريح به. لكنّ الحال سيتغيّر اليوم على ما يبدو.

فخلال عام 2016، تم إنشاء مجموعة على موقع الفيسبوك باسم Hair Addict لمساعدة النّساء على العناية بالشعر المجعّد، وقد استطاعت حتّى الآن ضمّ 11,646 سيّدة فيها، بمشاركة 95% من أعضائها النشيطين، بحسب موقع الـBBC البريطانيّ.

كما أطلقت السيّدات أيضاً حساب thehairaddictofficial@ على الإنستغرام الذي يتابعه الآن ما يزيد عن 31,000 شخص. أمّا على المجموعة، فيقدّمن دروساً لخبيرات حول كيفيّة قصّ الشعر الطبيعي المجعّد، ويُشاركن طرق تجفيفه، وأساليب تسريحه.

إذ تبدو المجموعة كموسوعة تعليميّة للفتيّات ذوات الشعر المجعّد اللّواتي لم يكن لدى أمهاتهنّ معرفة بكيفيّة التعامل مع هذا النوع من الخصل (حتى لو كانت طبيعة شعرهنّ كذلك)، لذا فهنّ ينسقنه على هيئة ضفيرة مشدودة، أو يقمن بتمليسه عندما يكبرن.

أطلقت المجموعة سيّدة تُدعى دعاء جاويش وعمرها 38 عاماً، فقد كانت جاويش تتعرّض للكثير من السخرية بسبب شعرها خلال أيّام طفولتها. لذا فعندما أصبحت مهندسة، واظبت على تسبيل شعرها باستمرار رغم معرفتها بالضرر الذي يسبّبه ذلك به. لكن بعد أن أجرت أبحاثها حول الموضوع صار لديها معلومات مفيدة حول الطرق الأفضل للعناية بشعرها بغية تخفيف الآثار الجانبيّة للحرارة التي تأتي من تسبيله على نحوٍ منتظم.

مع حصولها على كلّ تلك المعلومات، قرّرت تلك السيّدة إنشاء مجموعة على الفيسبوك لتتشارك معرفتها مع الفتيات الأُخريات صاحبات الشعر المجعّد في مصر.

وقد حقّقت نجاحاً كبيراً فعلاً لدرجة أنّ أعضاء المجموعة اللّواتي اجتمعن معاً لهذا الهدف أطلقن تحدّياً يُلزمهنّ بعدم استخدام الحرارة لتمليس شعرهن تحت أيّ ظرف ومن أجل أيّ مناسبة؛ سواء كان ذلك للتألق بإطلالاتهنّ خلال العمل، أو حفلات الزفاف، أو أيّ شيء آخر.

أمّا في عام 2018، فقد كانت ردّة فعل الناس مُختلفة كثيراً عمّا كان متوقّعاً.

حيث توجّهت الشابّة نوران عمر مثلاً، والبالغة من العمر 32 عاماً، إلى حفل زفاف مؤخراً بشعرها الطبيعي المجعّد بعد مضيّ عامٍ كاملٍ على تخليها كليّاً عن استخدام الحرارة. إلّا أنّها تلقّت الكثير من الإطراءات في ذلك اليوم. وهي تقول بأنّ الأمر يعود إلى انتشار ثقافة الشعر المجعّد في الدولة من جديد؛ إذ أنّه بدأ يحظى بقبولٍ اجتماعيٍّ فعلاً.

لذا ونتيجة لازدياد أعداد النّساء اللُواتي لم يعدن يرغبن بتسبيل خصلهنّ المُلفوفة بشكلٍ طبيعيّ، تمّ افتتاح صالون للنساء ذوات الشعر المجعّد في مصر هذا العام. إذ يستقبل مركز The Curly Studio أكثر من 30 امرأة في الأسبوع، بشرط تحديد موعد مسبق طبعاً. وترى مالكة الصالون السيّدة سارة صفوت أنّ الشعر المجعّد أصبح توجهّاً رائجاً بين فتيات جيل الألفية الآن.

يُذكر أنّ هنالك مجموعة كبيرة من الممثّلات المصريات اللّواتي يتألّقن بشعرهنّ المجعّد على شاشة التلفاز أمثال صبا مبارك (في المسلسل الشهير "حكايات بنات")، والممثّلة دينا الشربيني. ربما ألهمت هؤلاء السيّدات الجيل الجديد من الفتيات اللّواتي يخرجن الآن ويفردن شعرهنّ المجعّد كما أرادت له الطبيعة أن يكون.

لقد أصبحت جملة "شعري مجعّد، لا يهمّني" شعار المرأة المصريّة أخيراً. لم يسبق لي أن شعرت بهذا القدر الكبير من الفخر حقّاً.

جولة داخل مكاتب الإنستغرام والفيسبوك في دبي
Latest جمال