ما ينبغي عليك فعله عندما يقول لك أطفالك أنهم يشعرون بالملل
خبيرة لعب تكشف ما يقصده الأطفال حقاً عندما يقولون "أشعر بالملل!"
الملل. بالنسبة لبعض الآباء، لا يعدو ذلك عن كونه كلمة مكوّنة من أربعة أحرف – مرادفة للكسل أو الافتقار إلى الدافع. لكن بالنسبة لآخرين، يُعدُّ هذا الشعور أحد أهمّ الأشياء التي يمكنكم توفيرها لأطفالكم الذين لا تعج حياتهم بالكثير من النشاطات.
في الحقيقة، يبدو أنّ كلا نوعي الآباء هؤلاء على حق. أو على خطأ.
حيث تحدّثت ساندرا ستون —وهي عالمة اجتماع، وأستاذة جامعيّة، وباحثة، ومؤلفة كتب تتمتع بخبرة تزيد عن 25 عاماً في دراسة سلوكيّات لعب الأطفال وتطوّرهم— لبوب شوغر قائلةً: "الملل ليس أمراً جيّداً ولا سيّئاً بالمطلق".
يوافقها الرأي في ذلك ديبانشو بانديتا، الرئيس التنفيذي لمنصة كيدو للتعليم المبكّر، قائلاً: "الأمر أشبه بالسؤال عمّا إذا كان الشعور بالاستياء من الطريقة التي تسير بها الأمور جيّداً أم سيّئاً – يمكن أن يؤدّي ذلك إلى اختراعات واكتشافات طبيّة أو يمكن أن يؤدي إلى معاناة نفسيّة".
في كلتا الحالتين، لا مفرّ من اختبار الشعور بالتأكيد، خاصّة بين الأطفال. تميل أشهر الصيف خارج المدرسة لأن تكون أرضاً خصبة للملل بشكل عام، لكن مع وجود عبء إضافي كالوباء الحالي —إذ لا يكون هنالك الكثير من الأشياء التي يمكن القيام بها بل وليس لدى الآباء الكثير من وقت الفراغ لتسهيل الأمر على أبنائهم فعليّاً— يصل التذمّر الذي ينطلق تحت عبارة "أشعر بالملل" إلى مستوى محموم حقّاً في معظم المنازل.
فكيف يجب على الآباء والأمهات التعامل مع هذا الأمر إذاً؟ تحدّث كلّ من ستون وبانديتا عن حقيقة هذه العبارة التي تتمحور حول استقطاب الاهتمام فعليّاً.
طريقة معرفة ما إذا كان الملل هو في الواقع شيء آخر
أوضحت ستون أنّ الملل هو ببساطة "فقدان الاهتمام" ويمكن أن يتّخذ أشكالاً عديدة عند الأطفال. لذا، حتى إذا وصف الأطفال اهتمامهم المفقود بأنّه "ملل"، فقد يكون ذلك بسبب شيء آخر تماماً، ويستحق الأمر أن يتعمّق الآباء في البحث، خاصة مع الأطفال الصغار الذين قد لا يستوعبون المفهوم تماماً لكنّهم سمعوا العبارة بشكل كافٍ ليستخدموها فعليّاً.
وقالت: "قد يفقد الأطفال أيضاً الاهتمام بسبب الإرهاق". "الأطفال المتعبون قد يحتاجون فقط إلى بعض الراحة، وقت للراحة ليس إلّا. يمكن أن تكون الراحة علاجاً شافياً يمنح الطاقة لاستعادة الاهتمام أو اللعب".
الاحتمال الآخر هو الحاجة إلى التواصل البشري. قالت ستون: "يمكن تفسير كلمة 'الملل' على أنّها 'أريد أن أكون مع شخص يحبني'". "إنّه الوقت الذي يضع فيه الآباء جانباً الأشياء العديدة التي تتطلّب وقتهم ويأخذون وقتاً ثميناً للجلوس مع أطفالهم، والتحدّث مع أطفالهم، والتضامن مع أطفالهم". في الغالب، لا يتطلّب الأمر أكثر من ذلك، لكن في بعض الأحيان، إذا كان الطفل وحيداً، تقترح عليكم ستون أن تشاركوه اللعب لبضع دقائق حتى يشعر بالرضى.
خلاصة الكلام، إذا كان الأطفال يعبّرون عن الملل، قالت ستون: "يجب الحرص على عدم المسارعة إلى تزويدهم بقائمة طويلة من الأفكار مباشرة".
على الرغم من أنّه من المغري جدّاً تقديم حلّ سريع، لكنّ ذلك يجعل الآباء يتحكّمون بتجربة أطفالهم. "بدلاً من ذلك، خذوا الوقت الكافي للجلوس مع أطفالكم والسماح لهم بالتحدث معكم. اطلبوا منهم أن 'يشرحوا' لكم ما يقصدونه عندما يقولون أنّهم يشعرون بالملل. قد تقودكم المحادثة إلى اكتشاف ما إذا كان الأطفال مرهقين أم أنّهم ببساطة يحتاجون إلى اهتمامكم".
كيف تتصرّفون عندما يشعر أطفالكم بالملل حقّاً
إن لم يكن الأمر متعلّقاً بالإنهاك أو الحاجة إلى الاهتمام، فقد يشعر أطفالكم بالملل الاعتيادي حقّاً. في هذه الحالة، يتعلق الأمر عادةً بفقدان الاهتمام ببيئة اللعب الحالية الخاصّة به – لقد استبعدتم أجهزة الآيباد الخاص بهم ولا يمكن لأيّ شيء آخر أن ينافسها، أو أنّهم مستعدّون لتحدٍّ أكبر، أو أنّهم ببساطة يفكّرون كثيراً فيما يجب عليهم القيام به بعد ذلك. حيث أشار بانديتا قائلاً: "عليكم إيلاء بعض الاهتمام الدقيق إلى السبب الحقيقي وراء شعورهم بالملل".
بالنسبة للأطفال الصغار، يمكن للوالدين اتّباع نهج حماسيّ نشط. حيث ينصحكم بانديتا بإعادة توجيه أطفالكم — "ذكّروهم بالأنشطة التي ربّما لم يكونوا قد أخذوها في الاعتبار". بينما تقترح ستون تدوير الدمى عليهم بشكل متناوب على مدار الأسبوع حتى تصبح الخيارات مختلفة حقّاً.
بالنسبة للأطفال في سن الخامسة وما فوق، وجد بانديتا أنّ المشاركة الكلاميّة تمثّل استجابة أكثر فاعليّة لتوجيه الفعل.
حيث قال: "حاولوا الاتفاق معهم بإخلاص تامّ – 'أخبرني عن ذلك!' وسترون ما سيحدث". "قد يشعرون بأنّهم مجبرون على إيجاد سبب للاختلاف لمجرد أنّ هذا ليس ما كانوا يتوقّعونه. حتى عدم القيام بأيّ شيء على الإطلاق أفضل من إخبارهم أنّ لديهم مليون شيء يمكنهم القيام به وليس لديهم الحق في الشعور بالملل".
كما حثت ستون الآباء على عدم تقويض قدرات الأطفال على اتخاذ قرار بشأن أفكارهم الخاصّة لما يجب عليهم فعله حيال الشعور بالملل.
قالت ستون: "قوموا بتوجيه أطفالكم برفق ليصبحوا مستقلّين في تفكيرهم". "عندما يفكّر أطفالكم في بعض الأفكار، يمكنكم دعم هذه الأفكار ويمكنكم بعد ذلك التوسع في تلك الأفكار وإضافة الاقتراحات عليها. مرّة أُخرى، تأكدوا من أنّ أطفالكم يقومون بالاختيار. إذا قاموا بلاختيار بأنفسهم، فلا ينبغي أن يكون الملل مشكلة أبداً".
كيفية الرد إذا لم يكن هنالك ما يبدو أنّه قادر على مكافحة مللهم
تكمن المشكلة في أنّ العديد من الأطفال، وبالتحديد أولئك الذين عادةً ما يكون لديهم جدول مليء بالنوادي والرياضات خارج المدرسة كلّ يوم، لم يتم تدريبهم فعليّاً على معرفة كيفيّة مكافحة الملل. ليس لديهم وقتٌ للملل حرفيّاً، وبالتالي فهم لا يعرفون كيفيّة التعامل معه حقّاً.
قالت ستون: "لسوء الحظ، يمكن لمجتمعنا، بما في ذلك المدارس، أن يعرقل المسار الطبيعي للأطفال لمتابعة مصالحهم الخاصّة".
أظهرت الدراسات أنّه يتمّ توجيه الأطفال بشكل غير مقصود من قبل البالغين –فعلى سبيل المثال، القيام بشيء ما على نحو دائم، عادةً في شكل أنشطة منظمة وضمن جدول زمنيّ دقيق– غالباً ما يجعل الأطفال يتخلون عن استقلاليّتهم وشعورهم بالتحكم الذاتي بحياتهم، وذلك يمكن أن يقتل الفضول لديهم.
وقالت "الاستقلاليّة تمنح الأطفال الفهم بأنّ الأشياء تحت سيطرتهم". "إنّه يشجع الأطفال على اتخاذ قراراتهم الخاصّة حول ما يجب القيام به ومتى يفعلونه فعلاً".
لذا، فرغم أنّ الأطفال المستقلّين والمتحكّمين بذاتهم يمكن أن يصابوا بالملل، لكن نادراً ما تكون هذه مشكلة بالنسبة لهم لأنّهم يعرفون ما يجب عليهم فعله بعد ذلك، وكما قال بانديتا، غالباً ما ينمون ويتطورّون كنتيجة مباشرة للملل. قالت ستون: "سيجدون بطبيعة الحال شيئاً آخر يفعلونه أو يلعبونه". "القضية على الجهة الأُخرى من الطيف هي، هل أصبح طفلي (أو طفلتي) يعتمد عليّ للترفيه عنه؟".
بالنسبة لهؤلاء الأطفال، ينصح كلٌ من ستون و بانديتا بتشجيعهم على اللعب المفتوح —وهو أسلوب لعب ليس له نتيجة محدّدة لما سيحدث— قدر الإمكان. وقالت ستون: "بصفتنا بالغين، نحتاج إلى منح الأطفال الوقت والحريّة لمتابعة اهتماماتهم الخاصّة". "إذا شعر الوالدان أنّ ذلك قد تضاءل في أطفالهم، فقد يحتاجون إلى التراجع ودعم شعور الأطفال بالاستقلالية والتحكم بذواتهم من خلال دعم قدرتهم على اتّخاذ خياراتهم الخاصّة، ليكونوا فضوليّين، ويتبعون اهتماماتهم الخاصة. وقد يستغرق هذا وقتاً أطول في البداية، لكنّ الفوائد تستحق العناء على المدى الطويل لكلٍّ من الأطفال والوالدين حتماً".
للمزيد من المقالات، والمقابلات، ونصائح التربية، انقروا هنا.