المملكة العربيّة السعوديّة تقوم بتغيير قوانين ثياب المرأة
وليّ العهد السعوديّ يُعدّل القوانين الخاصّة بالمرأة من جديد، وخطوته هذه ستشكّل نقطة تحوّل كبيرة لقطاع الأزياء في المملكة
في خطوةٍ جديدةٍ منه لإجراء إصلاحات بمجال حقوق المرأة في المملكة، أعلن وليّ العهد السعوديّ سمو الأمير محمد بن سلمان أنّ المرأة لم تعد مجبرة على ارتداء غطاء الرأس أو العباءة السوداء بعد الآن.
حيث أصبح لدى النساء السعوديّات الآن حريّة الاختيار فيما إذا كنّ يرغبن بارتداء عباءة دينيّة فضفاضة فوق الملابس أو حتّى ارتداء وشاح الرأس أم لا. وقد اتّخذ الأمير التقدميّ من القرآن الكريم مرجعاً له في قراره ذاك، مشيراً إلى أنّ قوانين الشريعة كانت واضحة جدّاً وهي تنص على أنّه يتعيّن على النساء، مثل الرجال، ارتداء ملابس محتشمة ومحترمة.
يمثّل هذا الإعلان خبراً هامّاً لقطاع التجزئة المعني بالأزياء في الدولة والتي كانت تفرض أحكامها على النساء لباساً معيّناً ترتديه أمام العامّة. فمُنذ تأسيس المملكة العربيّة السعوديّة عام 1932، كانت المرأة مجبرة على ارتداء العباءات وأوشحة الرأس بحيث كان ذلك يمثّل ذلك أقصى حدود الجرأة بالنسبة للنّساء. كما كانت بعض السيّدات –وما يزال العديد منهنّ– يرتدين النقاب (وهو غطاء أسود من الرأس إلى أخمص القدمين فيه فتحات للعيون فقط)، أو حتّى البرقع (الذي يغطّون به فتحات العيون بطبقة قماش شبكيّة)، وفقاً لما جاء في صحيفة Economist. لم تكن السيّدات تقمن بخلع اللّباس المُحافظ عن رؤوسهنّ إلّا داخل منازلهنّ، وفي منازل صديقاتهنّ، أو في الأماكن المخصّصة للإناث فقط.
لذا يمكن القول أنّه لم يكن هناك تنوّع فعليّ في هذه الناحية.
لكنّ المرأة دائماً ما تجد طريقةً للدفع بكلّ الحواجز المحيطة بها جانباً. ففي مدينة جدة الأقل تشدّداً وخلال السنوات الأخيرة، بدأت النساء بارتداء العباءات الملوّنة أمام العامّة وبشكلٍ مفتوح يُظهر الملابس العاديّة التي ترتديها تحتها والتي عادةً ما تكون قمصاناً محتشمةً، وتنانير طويلة، أو بناطيل جينز وأحذية جذّابة؛ إذ لا يوجد قوانين خاصّة بالأحذية.
هذا وتُعتبر صناعات التجزئة عموماً في المملكة العربيّة السعوديّة ضخمة جدّاً بالعموم، حيث تمتلك الدولة 70% من إجمالي قطاع تجارة التجزئة في منطقة الخليج والبالغة قيمته 170$ مليار دولار أمريكيّ، بحسب صحيفة Saudi Gazette السعوديّة.
أمّا بالنسبة لتجارة الأزياء فكان وضعها مختلفاً تماماً حتّى وقت قريب. وذلك لأنّ السعوديّة التي تُعتبر سوقاً مُربحاً جدّاً لتجّار التجزئة كان عليها الالتزام بقوانين اللّباس الصارمة المفروضة في الدولة، لذا فقد وجد تجار الأزياء صعوبةَ فيما يتعلق بكيفيّة الاستفادة من احتياجات هذه السوق الضخمة، وفقاً لما أورده موقع Think With Google. وإلى جانب السيّدات الملتزمات بالطّابع المحافظ، كان هناك نساء مسلمات محجّبات يبحثن عن ملابس عصريّة لكن محتشمة في الوقت ذاته؛ وأولئك يمثّلن أيضاً مجموعة هائلة من الزبائن الذين لا يتمّ تلبية تطلّعاتهم.
غير أنّ الموضة العالميّة السائدة وجدت أخيراً طريقةً للوصول إلى زبوناتها المسلمات عند ولادة مفهوم الملابس المحتشمة. ففي عام 2014، أطلقت علامة "دكني" الفاخرة مجموعة أزياء رمضانيّة من الملابس الملائمة لهذا الشهر. بعد ذلك، قامت علامة "دولتشي آند غابانا" باتّباع التوجّه ذاته عام 2016، لكنّها اقتصرت بتصاميمها على مجموعة من العباءات. وكذلك قامت علامة "مانغو" الشعبيّة بإطلاق خط ملابس محتشم في العام نفسه. من جهتها، تولّت علامة "نايكي" زمام الأمور عام 2018، وأنتجت حجاباً رياضيّاً مصمّماً من أقمشة تعتمد على أرقى التقنيّات ليتناسب مع النساء الرياضيّات المسلمات.
ثمّ حدث ما لا يمكن تصوره في أسبوع الموضة بميلانو خلال شهر فبراير الماضي. حيث جلبت كلّ من "ماكس مارا" و"ألبيرتا فيريتي" اللّتين تُعدّان من أكبر دور الأزياء العالميّة، عارضة الأزياء الصوماليّة الأمريكيّة المُحجّبة حليمة عدن لتستعرض تصاميمهم على ممشى العرض (حليمة هي العارضة ذاتها التي روّجت لبعض حملات حجاب "نايكي").
لقد كانت لحظة مميّزة لنا جميعاً. إذ يؤكّد مضمون هذا التوجّه أنّ الملابس المُحافظة لا تقتصر على الطابع الأنيق وحسب، بل يُمكنها أن تكون عصريّة للغاية أيضاً.
لم يعد بوسعنا الانتظار أكثر حقّاً لنرى الأزياء الجميلة التي ستطلّ بها النّساء السعوديّات في الشوارع بعد فترةٍ وجيزةٍ من الآن.